![]() |
الخصوصية و منصات التواصل الاجتماعي |
عبارة الخصوصية اليوم أصبحت مجرد مصطلح تتداولها منصات ومواقع التواصل الاجتماعي.
فهوس الشركات العملاقة اليوم كغوغل فايسبوك تيكتوك أنستاغرام، و العديد من التطبيقات و البرامج الأخرى. بجمع البيانات و التطفل على تفاصيل حياة المستخدمين اليومية أصبح أمرا روتينيا.
واستهدافهم خصوصيات وتعاملات زبائنهم لمصالحهم الضيقة، لا يمكن إلا القول عنه أنه انتهاك صارخ على حقوقهم.
الخصوصية ماهي؟
كل اللغات و قواميس العالم لا تختلف حول مفهومها. فهو متعارف عليه لدى كل شعوب العالم منذ القدم، وهي "الحق في السماح وحده". حسب القاضي الأمريكي توماس كولي في ورقة كتبها سنة 1980.
تصنف الخصوصية كحق قانوني يكفله الدستور حسب قيود السياسة العامة. و أي خروج عن هذا التشريع من اطلاع غير مصرح أو فضول أو تجسس على حياة الأفراد المادية و المعنوية و عرضها على العامة سواء مؤسسات أو أشخاص. يكفل بتعويضات و استرجاع للأضرار.
الخصوصية على الأنترنت
وهي الجانب الرقمي من الخصوصية. يخضع تقريبا لنفس مبدأ قوانينها العامة السابق ذكر. لكن في قطاعها الإلكتروني الرقمي. من بيانات أفكار معلومات مشاريع أعمال وعلاقات.
تتأثر حياتنا بهذا التدخل في:
مقر سكن، تواريخ ميلاد عائلتك، نشاطاتك وخططك، ارقام هواتفك، و حالتك الاجتماعية و ارتباطاتك.
يتم استغلالها سواء من طرف المؤسسات أو الحكومات، بغية مصالح معينة. أوأطراف أخرى بالإختراق عبر مختلف أدوات علم الهندسة الإجتماعية و أساليبها. مما يوجه المستخدمين لتزييف حساباتهم لتخلق أزمة موثوقية جديدة.
الخصوصية على مواقع التواصل الإجتماعي
ظهر هوس مواقع التجسس الإجتماعي بإنتهاك حقوق و حريات المستخدمين جليا في الوثائقي المرعب The Social Dilemma.
الذي صاغى لنا عرضا عن حيثيات العملية، و شراهة الخوارزميات و عناكب البحث عن اي تجسيد للبيانات يتاح أمامها.
فايسبوك يحافظ على خصوصيتك !!
حسب إحصائيات فيسبوك لسنة 2019 بلغ عدد سكانها حوالي 2.5 مليار مستخدم نشط شهريا. لتكون المنصة الأكثر شعبية بين مواقع التواصل الاجتماعي.
رقم أبدا ليس بالهين لما تربطه برقم العائدات الضخم الآخر للشركة لنفس السنة البالغ 21 مليار دولار، فنتسائل نحن من أين لهم كل هذا ؟.
لولا البيانات المتاحة لما أمكن أبداً الوصول لهكذا أرقام، فالمعالجة المستمرة للخوارزميات و الذكاء الإصطناعي للداتا، و تدخلها في خصوصيات مستخدميها و تطرقها لآفاقهم.
يساهم في تقديم نموذج أفضل لطلبات اعلانات و خدمات أخرى يكون لها جانب من الاهتمام عند المستخدم. بعد التصيد النوعي لميولاته، عبر الكاميرا، الميكروفونات، الرسائل و التعليقات و الإعجابات.
وحظت فيسبوك برقم كبير آخر كأكبر غرامة مالية في تاريخ الشركات قدرت بـ 5 مليار دولار أمريكي. من طرف لجنة التجارة الفدرالية الأمريكية نظرا لتدخل هذه الأخيرة في خصوصيات المستخدمين، ليصرح رئيس اللجنة بـ :
تغيير ثقافة الخصوصية بشكل كامل للقائمين على موقع فيسبوك ربما قد يقلل من احتمالية استمرار الانتهاكات
حادثة ترامب الأخيرة و شركة كامبريج أناليتيك التي استغلت جمعها لملايين الحسابات من فيسبوك، و تحليلها لاستغلالها في "الدعاية السياسة"، لتدعيم حملة ترامب في 2016.
أوصل الشركة لقمة التحايل على مستخدميها، و سيكون لنا منعرج حول جانب الاعلاني و التسويقي في قادم الأسطر.
انستغرام بنفس النهج
مليار آخر لعدد المستخدمين الشهري لأنستغرام، الذي لا يختلف مبدأها عن فيسبوك كثيراً فهما كيانان لنفس الشركة.
التجسس له دوافعه من خلالهما، فقد راجت آخر الأخبار حول شكوى من مستخدمي الأجهزة المحمولة آيفون بنظام Ios 14 على أن مؤشر الكاميرا يبقى يعمل رغم الإنتهاء من استعمالها و الإنتقال الى الصفحة الرئيسية للتطبيق.
هذا النمط من التوجه و التدخل في الخصوصية أزعج شركة آبل كثيرا، خاصة بشهرة نظامها من جانبه الأمني.
مما قد تزعزع تلك الممارسات ثقة العملاء لديه ليشتعل الصراع بين الشركتين، و كانت آخر ردود الفعل حول القضية مسح رمز توثيق صفحة آبل من على فيسبوك.
واتساب الأخضر الشره
هو أحد أكثر التطبيقات السيئي السمعة في هذه النقطة. لذا كفانا أرقاما لنفس الشركة العملاقة. فهو الآخر تطبيق لنفس الكيان بنفس المبدأ.
لا سيما إن كنت سمعت بتطبيق stromtracker لفيسبوك سنة 2019 الذي يتجسس على رسائل واتساب و تعليق الشركة الفاشل بأنها تتبع ردود فعل المستخدمين اتجاه كلمات مفتاحية كفيسبوك من أجل تطوير خدماتها و تقديم تحديث أفضل للمستخدمين.
كذلك آخر المصادفات الجميلة لما تسمع حول تبادل واتساب للبيانات مع تطبيق فيسبوك في سابقة علنية جديدة حول شهوة مواقع التواصل للبيانات و هذا عبر تحديثها الأخير.
لتتجه أنظار العالم لتطبيق التواصل Signal و الذي تطرق اليه آيلون ماسك بتغريدته "حملوا Sighal".
وستشعر أنها طريقة ساخرة تستهدف نوعية تعامل واتساب مع عملائها، ليتجه اليه العديد من المستخدمين، في ظل تسائل البعض هل يستهدف التطبيق الإرتقاء عبر ثغرة الخصوصية، أم سيبقى على هذا المبدأ، هذا ما سيظهر مع الزمن مستقبلا.
تيكتوك ليس الأول في ذلك
بعيدا عن شركة ميتا فخر الجوسسة. لنتجه للتطبيق الصيني "تيكتوك"، والذي لا يسلم العالم من معاملاته هو الآخر، فالفوضى التي أحدثتها الإدارة والرئاسة الأمريكية حول التكنولوجيا الصينية.
كان لتيكتوك نصيب منها وصل حد الحظر، كما ألقي تصريح لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لوسائل إعلام بريطانية حول الموضوع:
من غير الممكن أن تتدفق معلوماتك الشخصية عبر خادم صيني ، دون أن ينتهي الأمر بهذه البيانات في أيدي الحزب الشيوعي
و أعرب كبير مسؤولي السرية والاستراتيجية Zoé Vilain في تطبيق الخصوصية Jumbo Business Insider أن:
لا أرى فرقًا كبيرًا حقًا، بين السياسة المنتهجة في تيكتوك، مقارنة مع نظيراتها في Facebook و Instagram،.
وبلغت ديمغرافية تيكتوك 800 مليون مستخدم نشط شهريا، وهي قابلة للارتفاع رغم الإجراء العالمية المتخذة ضده، و الحظر المفروض عليه في العديد من بلدان العالم.
حتى تويتر!، لا أحد يسلم
ربما الشركة الكبرى الأقل صدى من ناحية انتهاك الخصوصية. روادها من المشاهير والشخصيات المرموقة في الدول.
يلجأ اليها الكثيرون لاستسقاء الأخبار و المعلومات، فكثيرا ما تكون تغريداتها رسمية وحقيقية، لما توفره تويتر من ميزات كالبوت سلاير لحذف الحسابات الوهمية، والأخبار الزائفة مثلما تعاملت مع تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الغير مناسبة.
ولنتذكر أمراً ليس ببعيد، عن الإدعات الشركة بالسرية التامة والتي هي أمر جد مستبعد. فقد كانت حادثة شهيرة نشرتها وكالة بلومبيرغ عن تجسس موظفين من داخل تويتر لصالح السعودية، دون الخوض في التفاصيل أكثر أمراً مشوهاً حقاً لسمعة الشركة.
يبلغ تعداد مستخدمي تويتر حول العالم حوالي 500 تويت نشط شهريا.
باقي المنصات
السياسة المتبعة في المنصات السابقة، لا تختلف كثيرا عند باقي المنصات، فتقريبا نفس التوجهات تعتمدها مختلفها من سنابشات، بينتراست... و البقية سوى إدعاءات غير فعلية عن مدى السرية في التعاملات بعيدا عن تجارب عملية تؤكد مزاعمهم.
ربما لاحظت عدم مرورنا على محرك البحث غوغل و مختلف منصاته، لكن عليك أن تعلم أن عدد الصفحات هنا لا يكفي لتلخيص لك الأمر فحتى فيسبوك و البقية يمكنك الولوج اليها عبره و هذا كافٍ جدا لتتخيل الأمر.
الخصوصية وعلاقتها بتحقيق المنصات للأرباح
الهوس المتواصل لمنصات Social Media في هذا الزمن وشهوتها المتفضاعفة للبيانات ليس من فراغ.
فرغم التكالبات المتواصلة للمحاكم حول قضية السرية و أمن المعلومات، فتنزهك داخل هذه المنصات دون الدفع مقابل الخدمة، يرجح أن تكون أنت الخدمة، وهذا هو المبدأ المتعارف عليه.
فكيف يتم ذلك ؟
تتيح المعالجة اليومية للبيانات عبر خوارزميات متطورة بالذكاء الإصطناعي المتعلم، لزخم هائل من الداتا و البيانات حول المستخدمين، بالتعرف على:
- مواقعهم
- سياراتهم
- أعمالهم و هواياتهم
- صورهم
- منشوراتهم
- تفاعلاتهم
- أذواقهم
- مفضلاتهم
- عائلاتهم و أطفالهم
- الماركات التي يحبونها
مع تفاصيل أخرى في حياتهم يتم تخزينها، ليتمخض عنها إجراءات انتقائية تتبعها هذه الخوارزميات تترجم في نشر إعلاناتها و متاجرها حسب ميولات وأذواق هؤلاء المستخدمين المستوردة من بحر جولاتهم المجاني داخل هذه المنصات،
و هذه أشهر الطرق للربح من الإنتهاك:
- الإعلانات: و قد تطرقنا لذلك بفضل القوة التراكمية للداتا المخزنة لتضمن ظهور إعلانات الموردين المناسبة للأفراد المناسبين، مما يضمن فعالية أكبر للتعامل مع هذه الأخيرة.
- المتاجر الإلكترونية: أصبحت اليوم تتوفرأسواق داخل هذه المنصات نفسها مما يضمن مجال أوسع للتسوق و فرص أكبر لجلب الزبائن، الذي قد يكون أصلا مدعوما من الشركة نفسها.
- بيع البيانات: و هو أخطر سبل انتهاك الخصوصية، كما تم ذكره في قضية فيسبوك و كامبريدج أناليتيك.
كيف أتجنب انتهاك خصوصيتي في مواقع التواصل الإجتماعي
ربما لم يعد يتواجد هذا الجانب لدى العامة بالقدر الكافي، سوى القراصنة و الهكر منهم، فالأفراد اليوم تتشارك صورها معلوماتها حياتها أمنها بمحض إرادتها، بعيدا عن السرية.
الشركات بدورها تستغل هذا الإطار، ولتجنب هذه الإنتهاكات من طرف هذه القوى العملاقة لا يمكنك سوى التغيير.
بالاتجاه نحو تطبيقات و برامج أخرى أقل فتكا، لكنك ستتتصادف بواقع صعب نوعاً ما نظراً للتفاعل و مشاركات الأقل حجما مقارنة بتلك المواقع.
أو التعايش مع هذه الظاهرة واستغلالها للتسويق والإعلان لأعمالك و تكون جزءا من المبادرة.
المصدر
↚