مختارات

نشأة المقاهي، قصة البدايات

 نشأة القهوة و المقاهي

انطلقت القهوة من العالم الإسلامي منذ القرن 10م، وانتشرت الى باقي دول العالم. ساهمت في تغيير مفهوم المشروبات آن ذاك، حيث أعطت غرابتها و تأثيرها المحفز للجسم هيبة لها.  

فرغم شهرة المشروبات الكحولية في تلك الأزمنة، الا أن القهوة صنعت مقاماً خاصة بها، حين توجت بفضاءات و أماكن لعصر نبتتها، عرفت فيما بعد بالمقاهي.

أتاحت نشأة المقاهي تطوير العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وساهمت خلال قرن من الزمن في تنمية الإتصالات بين الشعوب  وتوطيدها، الى أن أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

فما قصة اكتشاف القهوة؟، وكيف بنت المقاهي؟ وما سر اندماجها معنا في حياتنا اليومية؟ كلها هذا سنتابعه في شريط تارخي ممتع تابعو معنا.

اكتشاف البن أو القهوة

شجرة البن

أين ؟ متى ؟ وكيف ؟ في الواقع غير معروف من اكتشف هذا المشروب السحري، لكن ما نملكه من معلومات مؤكدة أن أصل شجرة البن من إثيوبيا. حيث تم استعمالها كمشروب لدواعي صحية هناك.

انتقلت الشجرة الى اليمن خلال القرن 14م. و تم إنتاج أولى المزارع لها هناك، ثم واصلت رحلتها لتصل الى سوريا و مكة المكرمة مع الحجاج المسلمين الذين ألهموا بتأثيرها المنبه. 

بعدها زادت نسبة انتشارها بشكل ملحوظ لتصل أوروبا عبر مصر والشرق الأوسط والقسطنطينية، لتسافر من هناك لبقية العالم.

في أوروبا وبعد ملامستها شفاه الرهبان هناك. ادعوا أن من الخطيئة ترك هذا الشراب اللذيذ للكافرين وحدهم. كما وصل المشروب للطبقات الراقية وسمحت غرابته في إغرائهم. 

ساعد رواج اللغة التركية في تلك الحقب من زمن الى انتشار البن ووصوله لطبقات المثقفين، لما عرف عنها من تصفية للذهن و التنبيه. 

تواصل توغلها بعدها لمختلف فئات الشعوب، ولم تقتصر على طبقات محددة. حتى دخلت جميع المنازل في القرن الـ 19 و أصبحت روتين صباحي كلاسيكي للأفراد منذ تلك الفترة.

قصة بداية المقاهي

بعد انتشار القهوة الواسع، أصبحت تقدم في الحانات كظاهرة دخيلة على المنطقة. مستلهمين فكرتها عن القاهريين و القسطنطينيين. فتحت أماكن خاصة بها في أوروبا و أمريكا و أصبحت نقاط تجمع للناس من جميع الطبقات، يتبادلون الأفكار و للترويح عن أنفسهم.

في باريس مثلا لا يزال مقهى Procope المتواجد الى الآن فضاءا للقاء الفنانين و المثقفين، كذلك هولندا و بريطانيا و فيينا الذين أنشؤوا دورا مخصصة للقهوة، و أمريكا بعد نمو أولى شتلاتها في جزر الكاريبي، أين أيقظت تعاهدات و حروب هناك.

هذا الملجأ الذي خلقته المقاهي، جلب مختلف أنواع الأحاديث في مختلف المجالات السياسية و الثقافية و الاجتماعية. موازات مع حرية التعبير و الروح الثورية، التي أصبحت فيما بعد تشكل تهديدا للحكام، فمثلا في لندن أمر تشارلز الثاني سنة 1676م بإغلاقها معتبرا إياها خطرا محدقا، لكنه سرعان ما تم فتحها تحت الضغط الشعبي. 

بداية ظهور القهوة

تختلف قصة نشأة المقاهي عند الكثيرين و بروايات مختلفة، جمعنا لكم أبرزها.

في العالم الإسلامي

بعد انطلاق و انتشار هذا المشروب في اليمن و الحجاز مصر و تركيا، الذي عرف منذ القرن التاسع. انحصر مفهومها في الجلسات و التجمعات الصغيرة. تم تأسيس أول دار قهوة في القسطنطينية في القرن 15 طبعا من طرف الرحالة السوريين إلى هناك حسب كتب المؤرّخ العثماني إبراهيم پچوي İbrahim Peçevi في تدويناته (1642-1649).

لتواصل زحفها بعدها الى الحلب، ثم الى مكة أين أحدثت ضجة كبرى حولها بين تحليلها و تحريمها نظرا لما تسببه من اجتماعات غير مؤطرة و انحرافات مجتمعية، و يتفق العلماء بعدها ليتم تداولها هناك.

في أوروبا

عرف أول مقهى في أوروبا، في اسطنبول عاصمة الامبراطورية العثمانية، حيث كانت تقدم كحلة و بروتوكول دبلوماسي للسفراء و زوار المرموقين للمملكة، و انتقل هذا التقليد لامبراطورية فيينا. 

في منتصف القرن السابع عشر، أنشأ أوائل المقاهي الشعبية في البندقية، مرسيليا باريس فيينا أوكسفورد، و يختلف الكثيرن عن أولها أين يميل الأغلبية للبندقية بسبب النشاطات التجارية لمينائها في الجهة الغربية.

في أمريكا

نقلت المقاهي إلى أمريكا عبر الثقافة الإنجليزية والفرنسية لما تم تصديرها هناك قبل بداية الثورة 1765. أما المكان بالضبط افتظهر فيه بعض الخلافات. بعض السجلات تقول فيلادلفيا و بعضها Brotherly Love في سبعينيات القرن الثامن عشر. لكن هذا لا يعني أنه لم تكن دُورُُ أخرى.

الكافيهات إبان الحروب العالمية 

قبل انطلاق الحروب العالمية توسع توجه الكافيهات كثيرا، أين أصبحت للسياسة و مراكز للفن و الثقافة و التوجهات العرقية و الفكرية من كونها فضاءا للترفيه فقط. لتمر بالعديد من المشاكل حين أصبحت ملاذا لإلقاء الخطابات السياسية الرنانة، و جمع مختلف الأجناس لأفكار معقدة كالإضرابات و الصراعات المختلفة، و إيقاظ الحس الثوري لدى روادها. 

كما وكانت مقرا رسميا للخطط و المخططات الحربية و مخازن للأسلحة و الذخيرة. و مقر للعصابات ذات النفوذ الواسع، لذا تداول العديد من الحكام على اغلاق أغلبها، لكن دون أي فعالية لذلك.

المقاهي اليوم

هذا الإنفلات الحاصل تزايد بمرور الزمن، لكن تعلمت الحكومات من دروسها السابقة و عملت على حراسة و تأطير، هذه الأماكن و استغلالها. فظهرت و تطورت بالمرافقة مع التطور التكنولوجي كمقاهي الأنترنيت، الكتب، الفنادق، و فضاءات أكبر اتساعا و ترفيها، و اقترنت بالبوفيهات و المطاعم أيضا.

و لعل من أبرز هذه المقاهي في عالمنا العربي مقهى "المساء" بالرياض السعودية، و "ستاربكس ريزرف روستيري" في دبي بالإمارات.

المصدر

4     3     2     1

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق