مختارات

لماذا يوجد كوريتين، و كيف تم تقسيمهما؟

تقسيم كوريا

مرت كوريا بالعديد من المماليك عبر تاريخها، و عرفت آنذاك بكيان واحد يطلق عليه شبه الجزيرة الكورية. ليتم تقسيمها بعد أكثر من 70 عامًا، و تصبح ضحية غير متوقعة للحرب الباردة المتصاعدة بين قوتين عظيمتين متنافسين: المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي و المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

كوريا الموحدة

قبل التقسيم، كانت شبه الجزيرة الكورية لقرون كتلة واحدة موحدة، حكمها مختلف الأجيال من سلالات الملوك. احتلتها اليابان بعد الحرب الروسية اليابانية بحثا عن دمج اقتصادها و سياستها معهم، أصبحت الإمبراطورية الكورية محمية يابانية، بموجب معادة أطلق عليها بـ معاهدة اليابان-كوريا لعام 1905، وضمتها رسميًا إليها بعد ذلك بخمس سنوات، دون موافقة غوجونغ الوصي الأول على الإمبراطور الكوري.

 بعدها أصبحت كوريا الموحدة غاضبة من الحكم و الرضوخ الاستعماري لليابان الذي دام 35 سنة أي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لتستسلم اليابان و تنشأ بوادر تقسيمها إلى دولتين.

لعل من أبرز ضحايا الثنائية القطبية هي تقسيم كوريا، فالقرار الذي تم اتخاذه من تلك القوى آنذاك كان حتى دون تدخل المعني الأول بالقضية، ليصبح خط 38 درجة عرض السكين القاسم للأراضي كورية.

لماذا تم تقسيم كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ؟

في البداية قسم الحليفان الجزيرة الكورية "بالاسم فقط" كان ذلك أغسطس 1945، و إحكام السيطرة بشبه الجزيرة الكورية المتهالكة لثلاث سنوات متتالية (1945-1948). جنوب الخط المذكور أو 38 درجة عرض. شكلت حكومة عسكرية مربوطة مباشرة بالولايات المتحدة الأمريكية جنوبه، و فرض الاتحاد السوفياتي و حاشيته نظامه الشيوعي شماله.

حسب المؤرخين، لم ينسجم الشعب الكوري الشمالي خاصة من العمال و الطبقة المتوسطة مع سياسة السوفيات الشيوعية، ليكون سببا وجيها في نزوح الكثير نحو الجنوب، بحثا عن بوادر أفضل ليواجهوا سياسة أخرى تفضل اليمينية و معادية لكل ماهو شيوعي. ربما تظهر نتائج ذلك الانتقال في ديمغرافية البلدين حيث توجد اليوم "حوالي 26 مليون نسمة في كوريا الشمالية و 52 مليون للجنوبية".

كان الهدف النهائي من هذه الاختراقات الخروج بحل جذري للمعضلة، لولا تدخل الحرب الباردة التي شلت من القضية و ساهمت في تعقيدها.

أمميا دعت الولايات المتحدة سنة 1948، للتصويت برعاية هيئة الأمم المتحدة لجميع الكوريين بتقرير مصيرهم. لكن مقابل رفض الشمالية المشاركة، تم تشكيل الجنوبية لحكومة خاصة بها مقرها سيول بقيادة "سينغمان ري" المعادي للشيوعية بقوة.

ليرد الشمال بالمثل، أين نصب المقاتل الشيوعي "السابق كيم إيل سونغ" كأول رئيس وزراء لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في العاصمة بيونغ يانغ.

الحرب الكورية

ما بين (1950-1953) أسفرت الحرب الأهلية الكورية بمقتل ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص، لكنها لم تفعل الكثير لحل مسألة كوريا "الأم". كانت انطلاقة الحرب من طرف الشماليين مع دعم سوفياتي ثم صيني كبير، مقابل الدعم الأمريكي التام للجنوب. مع ذلك لم تظهر أي بوادر لحل الأزمة الا بعد تدخل هيئة الأمم المتحدة و الصين الشعبية في الصراع (مخافة المشاكل الحدودية).

انتهي الصراع الكوري بعدما تم تدمير الشبه الكلي لأرضيها، و تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 27 يوليو 1953، مع تجريد المنطقة الحدودية بخط 38 من الأسلحة.

توجه كل منهما 

كان للسياسة الأمريكية المنتهجة في العلاقات (المستمرة) مع كوريا الجنوبية، و قوتها بينهما، الحصان المنقذ للصعود و تطوير اقتصادها، و لا يزال هذا الفارق جليا الى اليوم.

في خضم ذلك، تقوقعت كوريا الشمالية و بقيت منعزلة.ربما بشكل أول نتيجة انهيار الكتلة السوفيتية في أوائل التسعينيات مما جعلها متخلفة اقتصاديًا، فضلاً عن أنها دولة عسكرية أكثر تحكمها عائلة واحدة لثلاثة أجيال.

مع ذلك تبقى جهود كوريا الشمالية المتفانية لتطوير برنامج نووي مشكل جالب للأزمات في المنطقة و فتيل قوي للتوترات المتواصلة هناك، و للولايات المتحدة و حلفائها.

الكوريتين اليوم 

تحدث العديد من الصراعات بين الكوريتين اليوم، خاصة تلك الاختلافات الصارخة في الفترة التي سبقت ألعاب الأولمبية الشتوية 2018، أين كان الجنوبيون يستقبلون الرياضيين من شتى بقاع الأرض. لينظم القائد "كيم جونغ أون" في الشمال عرضًا عسكريًا في ساحة "كيم إيل سونغ" التاريخية في بيونغ يانغ، و استمتع به من الشرفة ليتبعه بخطاب جذاب عن شرور الإمبريالية.


أخيرا لنعود لحيثيات الأزمة التي تصادفت أصلا بين طرفين متصارعين من الوهلة الأولى، استغلها المعسكرين الشيوعي و الرأس مالي جيدا لتقوم بتصنيع حد الـ 38 كحل أمثل لجنون رجال تلك المنطقة، و علاج غير نهائي للصراع الممتد الى يومنا هذا. 


المصدر 

2    1


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق