![]() |
مناعة القطيع |
عند بداية الظهور لأي مرض معدي و انتشاره، يشرع بعد فترة من احتضانه في إطلالته الشرسة مباشرة، و التعريف بمشاكله و آثاره لدى العامة. فتعم حالة من الفزع و الفوضى لدى السكان تجبرهم على اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية التي قد تحد نوعا ما من خطورته.
في انتظار زوال العلة قد تنفع مناعة الأفراد في القضاء عليها، دون ذلك يمكن اتخاذ منحى آخر كإجراء "التطعيم" الذي قد يساهم كثيرا على احتواء خطورة هذا الجسم الغريب لدى أغلبية الأفراد و توليد ما يسمى "بمناعة القطيع".
ما المقصود بمناعة القطيع
أو ما يعرف أيضًا بالمناعة الجماعية أو مناعة السكان بالإنجليزية "herd immunity"، تصنف كحماية غير مباشرة من أمراض معدية معينة. تحدث عندما تكون نسبة عالية من المجتمع محصنة من العدوى إما من خلال التطعيم أو قدرة مناعية عمل الجسم على تطويرها خلال عدوى سابقة. تكبح هذه العملية نسب انتشار المرض من شخص لآخروتجعلها ضئيلة جدا أو مستبعدة، فينتج حماية أكثر خاصة للأطفال، النساء الحوامل و الأفراد ذات المناعة المنخفضة.
مبدأ عمل اللقاحات هو تدريب أجهزتنا المناعية على إنتاج أدوات دفاع ذات الطبيعة بروتينية مقاومة للعامل الممرض، تُعرف بالأجسام المضادة، تمامًا بنفس نموذج تعرض الجسم للمرض، ولكن بشكل حاسم اللقاحات تعمل على توليدها دون أن تجعلنا مرضى. لذا نجد أن الأشخاص الملقحون، محميون من الإصابة بالمرض المعني ونقل العامل الممرض للآخرين، مما يؤدي إلى كسر أي سلاسل انتقال.
كيف تعمل ؟
بعد حقن العامل الممرض "المعالج أو المعدل أو الفارغ" في الجسم تتولد لديه قدرة مناعية بنفس تعاملها مع المرض الحقيقي، قد تكون مقترنة مع آثار جانبية كالحمى، بعدها يخزن الجسم نبذة عن هذا الفيروس أو العامل الممرض و الإحتفاظ بذاكرة عنه. غالبا تكون هذه الآلية محددة بعداد زمني حسب نوعية و فعالية اللقاح ( سنوات بالتأكيد). تسهل هذه العملية و تعزز من قدرة الجسم مستقبلا على التغلب على العدوى المشابهة في حالة وجودها بكفاءة نظرا لتعاملها مع عامل مشابه سابقا.
تدعم غالبية مؤسسات الصحة العالمية و المحلية تحقيق "مناعة القطيع" عبر التطعيم، وليس عن طريق السماح لمرض ما بالانتشار من خلال أي شريحة من الأفراد، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى حالات قد تكون صعبة أو مؤدية للوفاة و هو أمر غير ضروري طبعاً.
منعت اللقاحات العديد من الأمراض الخطيرة والقاتلة سابقا. وساعدت في القضاء عليها من بينها الجدري وشلل الأطفال....
تحقيق المناعة الجماعية
كي تحقق مناعة القطيع بشكل آمان هناك نسبة معينة من المجتمع يتطلب تلقيحاها أو توليدها لمناعة مسبقة. هذا طبعاً للتقليل من العامل الممرض و الكمية الإجمالية للفيروس القادر على الانتشار وسط المجتمع. لعل أحد أكثر أهداف الإتجاه نحو مناعة القطيع فعاليتاً هو الحفاظ على الأشخاص المرضى و الضعيفين مناعيا، أو التي لا يمكن تلقيحها (بسبب ظروف صحية كالأمراض المزمنة أو الحساسية ضد اللقاح مثلا) لضمان حمايتهم و أمانهم.
تختلف النسبة المئوية للتعداد الذي يحتاج إلى تلقيح، من أجل تحقيق مناعة القطيع باختلاف المرض. على سبيل المثال، تتطلب مناعة القطيع ضد الحصبة تلقيح حوالي 95٪ من السكان، و ستتم حماية الـ 5٪ المتبقية. مع الأخذ بعين الاعتبار إلزامية عدم انتشارها وسط مجتمع الملقح. بالنسبة لشلل الأطفال، تبلغ العتبة حوالي 80٪. اليوم لا تزال نسبة التلقيح ضد الكوفيد 19 مجالًا مهمًا للبحث وستختلف على الأرجح وفقًا لعدة اعتبارات:
- السكان
- توفر اللقاح
- أولوية التحصين
- الآثار المترتبة
- طبيعة اللقاح ( حرارة، برودة ...)، بالإضافة لعوامل أخرى مهمة
و يتم كل هذا انطلاقا من الخرائط المناعية الفردية و نتائج المتحصل عليها لدى السكان. مع مناقشة الآثار المترتبة على السيطرة على الأمراض المعدية و كذا طبيعة اللقاح و توفره. قد تكون الخصائص المناعية الخاصة أكثر أو أقل احتمالية أن تؤدي إلى توقيع على مستوى السكان لمناعة القطيع، وبتفصيل أكثر قد نناقش أيضًا نتائج أخرى على المستوى العام قد تظهر من المناعة على المستوى الفردي.
أخيرا...
تلعب المناعة الفردية في هذه العملية دورا مهما، باعتبارها قوة قوية تؤثر على صحة الجسم وتطور العوامل الممرضة. الأهم من ذلك كله، أن تأثيرات المناعة الفردية تتوسع أيضًا، لتؤثر على ديناميكيات انتقال العوامل الممرضة مع نجاح حملات التطعيم لجميع الأفراد المضيفين.
المصدر
↚