|
وهم التنمية البشرية |
كثيراً ما يتلفظ بائعو أوهام التنمية البشرية بعبارات محيرة: كأنت أسد، اخرج العملاق الذي بداخلك، انطلق، أنت حر....
دون أن تدري ما يحدث من حولك. قد تظنها في البداية عبارات معادة من فيلم أكشن أو مسرحية أو حوار بين طبيب نفسي و مريضه....
لكنها في الحقيقة دورة تدريبية لترويض النفس توقض عقل المتدرب وتشعل حماسه بجرعة أدرينالين وهمية، سرعان ما تنتهي عند أول ردهة بعد مغادرة القاعة.
لذا ربما قد يظهر عنوان مقالنا اليوم "وهم التنمية البشرية" قاسٍ نوعاً ما لمنخرطي هذا المجال بشتى فئاتهم.... من مدربين الى طلاب، و قد لا تنال هذه العبارات صدى إيجابي لديهم. لكن ما سنعرضه لكم هو رأينا المتفردون به، دون أي تأثير خارجي أو ضغط على جهة دون أخرى.
التنمية البشرية بين الحقيقة والوهم
لا تنخدع بالتنمية البشرية، حقيقتا عبارة ليس من أجل الإختلاف أو الكلام و فقط، بل لمحة عن تجارب و خلاصات رواد من زاولو المجال.
فمثلا قرأت مؤخراً منشوراً على وسائل التواصل الإجتماعي يتحدث عن فتاة شابة في مقتبل العمر 25 سنة، تقول أنها:"مدربة المدربين في التنمية البشرية و تطوير الذات ..." مع حاملة طائرات من الدبلومات الموازية...!؟.
كما لمحت مدربا ذو خبرة للمجال يغضب و يصرخ في احدى الفقرات من برنامج تلفزيوني، ليهدأ في فقرة أخرى و ينصح الطلاب بالهدوء و الرزانة ؟.
أمر مدهش حقا وسط هذه التناقضات، فلا شعر شائب، و لا سنوات من البحث و الدراسات، لا انخراطات أكادمية رسمية، لا خريجي جامعات يكافحون السنوات من أجل نيل أوراق التخرج.
في حين هؤلاء دكاترة في بضعة أشهر....
هل التنمية البشرية خدعة حقاّ؟
جعلت المقدمة قاسية عمداً، كي أستقصي عاطفتك من المقال، و أضعك أمام الحقيقة العارية، للوصول للجواب المناسب. بعيدا عن المزايدات والأوهام والزيف الذي يغزو هذا القطاع.
رأيي حول التنمية البشرية
لو أردنا تعريف التنمية البشرية كمفهوم فهي باختصار:
علاقة غير شرعية بين علم النفس و علم الإجتماع. تمخض عنها علم مجهول النسب اسمه التنمية البشرية.
لا تندرج التنمية البشرية في خانة العلوم ولا نعتبرها علماً أو عملاّ قائماّ بنفسه، فقط جلبات حيوية مرتبة وكلام عاطفي تصب نهاية نهره بعقلك الباطن. كجرعة مشروب طاقوي تنتهي عند أول دورة مياه.
فلو جبت جميع أركان هذا الكوكب، لن تجد كيان واحد يثبت مصداقية هذه الشهادات، ولا يوجد شيئ الى اليوم يسمى دكتوراه في التنمية البشرية، أو شهادة أكاديمية معترفة بالمعايير الدولية المعمول بها. أو دبلوم حكومي يأكد ذلك.
لنساير الوضع ونفترض أنه معترف بها، فهل يمكن أن تحصل على شهادة معتمدة لعلم أو تخصص معين ما في ستة أشهر أو حتى سنة !!.
بل و هل يمكن أن تصبح مدربا بعد فترة وجيزة من هذه المدة ! أمر حقا محير !؟
على سبيل المثال، طبياُ تناول حبة باراسيتامول، سيخف ألم رأسك بعدها تفسيريا، تتم الآلية بايقاف عمل النهايات الحسية العصبية وخفض معدلات انتقال رسائل الألم والنتيجة هي خفضه أو توقيفه. و هذا ما يقبع تحت أفق الحقيقة العلمية أي 1+1=2.
لذا هل استماعي لشريط تحفيزي، أو هل مشاهدة حركات وصراخ أحدهم في إحدى المحاضرات؟، إن صح تلقيبها بذلك طبعاً. سيحل مشاكلي ويغير أسلوب حياتي، أم سيخلق لي عالماً وردياّ مؤقتاّ يتلاشي بعد قيلولة صغيرة !!. لذا من الأجدر ان يراجع البعض تناولهم لهذه المواد.
بعض مجالات الخداع
- تدريب المدربين.
- التنويم الإيحائي.
- العلاج بخط الزمن.
- فنون التربية الإيجابية.
- مهارات التعلم السريع.
- البرمجة اللغوية العصبية.
- رخصة قيادة الحياة الزوجية.
- مهارات التخطيط الشخصي وإدارة الوقت.
-
مهارات التفكير الإبداعي التي تسمى الكورت.
لم أجد أي شيئ ملفت حقاً، كلمات تسويقية مزيفة، ليحاءات روحية... تشعر كأنك في برنامج للتنجيم والأبراج.
ماذا يقول رواد و مدربو المجال
يقول محترفو المجال أن الفشل يكمن أساساً في أخذ دورات من مبتدئين ومتوسطي المستوى. فيخلف هذا بعد وقت وجيز فراغاً لدى المتلقي نظراً لنقص الخبرة، جهل المراحل، وضعف التعامل مع مختلف المواقف.
ينصدم المنخرط في الأخير بين ما تم سرده و الواقع. لكنه رغم ذلك يصبح مدافعاّ عن كل ذلك. بعدما تم اقناعه من قبلهم ببعض نماذج متدربيهم الناجحة مستصيغينها باختصار في تطوير الذات.
يقول ذوو الاحتراف أيضاّ، أن دورات أنت أسد، وكن قوياً....، وغيرها عبارة عن فهم مغلوط يمارسه الأغلبية المبتدأة مشوهين من خلال ذلك صورة هذا الطفل الحديث الولادة.
ويعرجون أن الأصل الأساسي لهذا العلم هو تدريب النفس و الشخص على الإلتزام وضبط النفس، مع ادراكه لمهارات التسيير الجيد لكينونة الموقف والحزم فيها. وهنا يدعون ان النتائج تكون ذات فعالية أكبر. مما يروجون بهذا عن نجاح الدورات ذات الجرعة المضاعفة المتجهة منها صوب أصحاب المال و الأعمال. الذين هم في الاصل قابعون في الثراء.
أخيراً... ربما لم نتطرق لفن السرقات المالية المتحصلة نتيجة هذه الدورات. وكيف يُتلاعب بعقول بعض الشباب المهمش و الغارق في المشاكل والديون. مستغلين أوضاعهم ليجعلوا منهم حسب زعمهم رجال أعمال ناجحين وأصحاب كاريزما (مثل: ريدينغتون ...!!) والكثير الكثير من الالتفاتات الملهمة للعقل الباطن.
وهذا ما يصنع ربما القرار لديهم بالتحرك واقتراض بعض الأموال للانخراط وانتشال أنفسهم. لكن ينتهي بهم المطاف بمديون مربع إن صح القول.
وقبل أن ننهي حديثنا إن صادف ومررت بأي رجل أعمال ارتقى في شهر واحد أو حصل على شهادة أكاديمية في 6 أشهر بين ثنايا هذا العالم، اترك لنا اسمه في التعليقات، ولا تتردد في الاتصال بنا من فضلك فنحن أيضا متحمسون لذلك.
المصدر
↚
↱ مصدر الصورة