![]() |
هل يؤدي التخدير للوفاة؟ |
من الصعب أن نفهم اليوم مدى أهمية هذا التقدم الحاصل لمجال التخدير. ففي وقت مضى كانت الجراحة هي الملاذ الأخير المرعب في محاولة أخيرة لإنقاذ الأرواح. وكانت امكانية عمل عمليات جراحية نادراً جداً الى غير ممكن.
حيث كانت الجراحة السطحية، والبتر، والسرطانات الفطرية، وإزالة حصوات المثانة هي بالفعل المجالات الوحيدة التي يمكن للجراح التدرب عليها.
لكن الجزء الداخلي من البطن والصدر والجمجمة كانت لا تزال في الأساس مناطق "محظورة". والسرعة هي المحدد الوحيد للجراح الناجح. طبعاً مع فرض نظام صارم كاحتجاز معظم المرضى أو تقييدهم بالإضافة الى أن بعضهم سيغمى عليه بسبب معاناتهم. بل وحتى الموت للكثير منهم إما على الطاولة أو بعد الجراحة مباشرة. نتيجة المعاناة الشديدة.
اليوم غير التخديرالكثير من هذه المفاهيم. يمكن أن تتباطأ الجراحة، وتصبح أكثر فعالية ودقة ويمكن أن تنتقل إلى "المناطق المحظورة سابقاً" كالبطن والصدر والدماغ.
تاريخ التخدير
على الرغم من أن العديد من الأفراد تناولوا عوامل التخدير في العقد 1835-1845، إلا أنها لم تكن بشكل رسمي ولم تنشر على نطاق واسع ولم تؤثر على الممارسات الطبية العامة آنذاك.
في 16 أكتوبر 1846، في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، تم إجراء أول عرض عام لتخدير الأثير. قام به طبيب التخدير "ويليام مورتون" والجراح "جون وارن".
كان نوع العملية إزالة كتلة تحت فك مريض "جيلبرت أبوت". وكان حاضرًا في الغرفة الجراح "جاكوب بيجلو"، الذي كتب رسالة إلى صديق في لندن وصف فيها العملية. لتشتهر هذه الأخيرة كأول عملية تخدير بشري علني أو رسمي.
حسب بعض التفاصيل في 19 ديسمبر 1846 في مندومفريز. تم إعطاء مخدر الإيثر لمريض دهس بعربة وتطلب بتر ساقه، ويعتقد أيضًا أن المريض مات.
في لندن، سنة 1952 بشارع جاور منزل عالم النبات الأمريكي فرانسيس بوت، أزال طبيب أسنان يدعى "جيمس روبنسون" سنًا لملكة جمال لونسديل تحت تأثير التخدير الأثير.
بعد يومين في مستشفى الكلية الجامعية، قام روبرت ليستون ببتر ساق السائق فريدريك تشرشل، بينما قام طالب طب يدعى ويليام سكوايرز بتخدير الأثير.
كان إدخال التخدير للعمليات الجراحية اكتشافًا هائلاً وسمح بتنفيذ الإجراءات الضرورية بطريقة إنسانية ومريحة وخاضعة للرقابة.
في حين أن التخدير اليوم هو الملاذ الأكثر أمانًا على الإطلاق، حتى بالنسبة للمرضى الأكثر مرضًا، لكن طبعاً إدارته لا تخلو من المخاطر.
ما هو التخدير وكيف يعمل؟
التخدير هو استخدام دواء لمنع الألم أثناء الجراحة أو الإجراءات الطبية. يعمل معظم الناس بشكل جيد مع التخدير ولا يواجهون أي مشاكل بعد ذلك.
يتكون الجهاز العصبي من الدماغ والنخاع الشوكي والأعصاب، تنتقل الرسائل العصبية من الجسم عبر الأعصاب والحبل الشوكي إلى الدماغ، لكن التخدير يمنع مرور رسائل الألم هذه من الوصول إلى الدماغ.
أنواع التخدير الطبي، مضاعفاته ومخاطره
تختلف المخاطر المحددة للتخدير باختلاف نوع التخدير ونوع الجراحة (الاختيارية أو الطارئة) والعوامل الخاصة بالمريض، بما في ذلك العمر والحالات الطبية الموجودة مسبقًا.
خطر حدوث مضاعفات طويلة الأمد، بما في ذلك الموت من التخدير نفسه ضئيل للغاية. وترتبط المضاعفات ارتباطًا وثيقًا بالإجراء الجراحي والصحة العامة للمريض.
التخدير العام
![]() |
التخدير العام |
التخدير العام هو إضافة مواد أو أدوية مخدرة تستخدم للحث على فقدان الوعي أثناء الجراحة. حيث يتم استنشاق الدواء إما من خلال قناع أو أنبوب تنفس، أو يتم إعطاؤه من خلال خط وريدي (IV).
يمكن إدخال أنبوب تنفس في القصبة الهوائية للحفاظ على التنفس السليم أثناء الجراحة. بمجرد اكتمال الجراحة، يتوقف طبيب التخدير عن التخدير ويتم نقلك إلى غرفة الإفاقة لمزيد من المراقبة.
مضاعفاته ومخاطره
يتحمل معظم الأشخاص الأصحاء التخدير العام دون مشاكل. أولئك الذين يعانون من آثار جانبية أو مضاعفات، عادة ما يكون لديهم أعراض خفيفة وعابرة يمكن إدارتها بسهولة. فيما يلي بعض المضاعفات المحتملة للتخدير العام:
- إلتهاب الحلق
- استفراغ وغثيان
- صدمة الأسنان
- تمزقات (جروح) في الشفاه واللسان واللثة والحلق
- إصابة العصب نتيجة وضعية الجسم
- وعي تحت التخدير أو الاستفاقة
- الحساسية المفرطة
- ارتفاع الحرارة الخبيث
- التهاب رئوي شفطي
- تثبيط الجهاز التنفسي
- السكتة الدماغية
- الشلل (نتيجة الوضع المطول على الطاولة)
- إصابة الدماغ بنقص التأكسج
- حدث إيمبليك
- انهيار القلب والأوعية الدموية والسكتة القلبية
- الموت
- الغثيان والقيء بعد الجراحة (PONV)
التخدير الناحي (النخاعي / فوق الجافية)
![]() |
التخدير الناحي |
يستخدم التخدير الناحي لتخدير جزء الجسم الذي سيخضع للجراحة فقط (نصف الذي تود تخديره). عادة ما يتم إعطاء حقنة مخدر موضعي في منطقة الأعصاب التي توفر الشعور بهذا الجزء من الجسم. هناك عدة أشكال من التخدير الناحي أو النصفي:
1. التخدير النخاعي: يستخدم هذا النوع في الجراحة أسفل البطن أو الحوض أو المستقيم أو الأطراف السفلية.
يعتمد هذا النوع على حقن جرعة واحدة من دواء التخدير في المنطقة المحيطة بالحبل الشوكي. تكون عملية الحقن في أسفل الظهر، وأسفل نهاية النخاع الشوكي، مما يسبب تنميلًا في الجزء السفلي من الجسم.
يستخدم غالبًا هذا النوع من التخدير في إجراءات تقويم العظام في الأطراف السفلية.
2. مخدر فوق الجافية: يشبه التخدير فوق الجافية مخدر العمود الفقري ويستخدم عادة في جراحة الأطراف السفلية وأثناء المخاض والولادة.
يعتمد هذا النوع من التخدير على حقن أدوية مخدرة بشكل متواصل من خلال قسطرة رفيعة (أنبوب مجوف).
يتم وضع القسطرة في الفراغ المحيط بالنخاع الشوكي في أسفل الظهر، مما يتسبب في حدوث خدر في الجزء السفلي من الجسم.
كما يمكن أيضًا استخدامه في جراحة الصدر أو البطن. في هذه الحالة، يتم حقن دواء التخدير في مكان أعلى في الظهر قريب من علو الصر لتخدير الصدر ومناطق البطن.
مضاعفاته ومخاطره
بشكل عام، هناك نسبة منخفضة من المضاعفات الخطيرة المتعلقة بالتخدير العصبي المحوري، ولكن تلك التي تحدث قد تكون مؤقتة أو دائمة. ترتبط المضاعفات إما بالاستجابات الفسيولوجية المبالغ فيها أو إدخال الإبرة / القسطرة وتشمل:
- الم
- صداع ما بعد الجافية
- انخفاض حرارة الجسم
- انخفاض ضغط الدم وبطء القلب نتيجة للحصار الودي
- فشل في الجهاز التنفسي ناتج عن "ارتفاع في العمود الفقري / كتلة"
- عدوى العمود الفقري، بما في ذلك التهاب السحايا العقيم
- احتباس البول
- ورم دموي في العمود الفقري أو فوق الجافية
- تلف الأعصاب أو النخاع الشوكي، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالشلل
التخدير الموضعي
![]() |
التخدير الموضعي |
التخدير الموضعي هو وضع عامل مخدر يُعطى لإيقاف الإحساس بالألم مؤقتًا في منطقة معينة من الجسم. تظل واعيًا أثناء التخدير الموضعي.
بالنسبة للجراحة السطحية والبسيطة، يمكن وضع مخدر موضعي عن طريق الحقن في الموقع المحدد أو السماح له بالامتصاص في الجلد.
لكن، عندما تحتاج منطقة كبيرة إلى التخدير، أو إذا لم تتغلغل حقنة التخدير الموضعي بعمق كافٍ، فقد يستخدم الأطباء أنواعًا أخرى من التخدير.
مضاعفات التخدير الموضعي
التخدير الموضعي له مضاعفات مشابهة للتخدير الناحي. نظرًا لاستخدام الإبر، فإن مخاطر حدوث نزيف وتشكيل ورم دموي وكدمات في موقع الحقن والعدوى كلها ممكنة.
يمكن أيضًا أن يحدث تلف الأعصاب من ملامسة الإبرة المباشرة أو بشكل ثانوي للورم الدموي أو العدوى.
من المحتمل حدوث ألم في موقع الحقن، وكذلك فشل التخدير الموضعي في توفير التخدير الكافي.
هل ممكن أن يؤدي التخدير للوفاة؟
يخضع التخدير لعدة عوامل، قبل أن يتم تحديد نوع وجرعة الدواء المقدمة للمريض، من بينها:
- نوعية العملية الجراحية.
- وزن المريض
- جنسه وعمره.
- صحة المريض بشكل عام.
لكن، تقول الاحصائيات أنه من بين 15000 شخص خاضع للجراحة والتخدير هناك امكانية وفاة شخص واحد. والأمر راجع بالأساس لعوامل مرافقة أخرى.
ولعل أحد أهم 3 أسباب لحدوث ذلك:
- رد فعل تحسسي اتجاه الأدوية التي يتم إعطاؤها أثناء التخدير.
- صعوبة وضع أنبوب التنفس.
- قلة إمداد الدم للأعضاء الرئيسية.
كيف يمكن أن تكون أدوية التخدير قاتلة؟
كما قلنا سابقًا، نادرًا ما يكون المخدر بحد ذاته سبب الوفاة. ومع ذلك، فان كل واحد من تلك الادوية قادر على قتلك.
لكن ادراتها بحكمة عبر الفحص والمراقبة المستمرة لنبض القلب، التنفس وضغط الدم سيكون كل شيئ في أمان.
الموت جراء الجرعاة الزائدة من الأدوية المخدرة حالة جد جد شاذة، وغالباً ما يكون أساسها احدى العوامل الثلاثة المذكوة في الأعلى.
المصدر
↚