مختارات

لماذا يؤمن الناس بنظرية المؤامرة؟

تنتشر نظريات المؤامرة في جميع أنحاء العالم. وتغطي مجموعة مذهلة من الموضوعات، من فكرة أن الهبوط على القمر كان مزيفًا إلى الاعتقاد بأن الأرض مسطحة وغيرها. 

في كثير من الأحيان، سوف يرفض المؤمنون بها بسهولة أي أدلة تتعارض مع هذه الادعاءات، ويقترحون أن الشهود أو الخبراء الذين يعارضون الأفكار هم ببساطة جزء من المؤامرة.

إذن ماهو التفسير الأكثر واقعية للناس الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة؟ ولماذا يفعلون ذلك بالتحدي؟ ابقوا معنا.

لماذا يؤمن الناس بنظريات المؤامرة؟

لماذا يؤمن الناس بنظريات المؤامرة؟

كقاعدة عامة، لا يحب الناس عدم القدرة على فهم الأشياء، نحن فضوليون ونريد أن نفهم العالم من حولنا. 

في الماضي، لم يكن العلم قادرًا على تفسير العديد من الظواهر التي واجهها البشر. وبالتالي كانت الاستجابة الأسهل والأكثر كفاءة لسؤال غير قابل للإجابة هي الاعتماد على قوة عظمى غامضة.

أصبح العلم الآن قادرًا على الإجابة على العديد من الأسئلة التي أذهلتنا ولو مرة في حياتنا وبينما لا نمتلك دائمًا الإجابات الآن، أكثر من أي وقت مضى في تاريخنا. لكن لدينا القدرة على شرح وفهم مختلف أنواع الظواهر وبدقة.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، لماذا يؤمن الناس بنظريات المؤامرة حتى عندما يكون هناك جبل من الأدلة لإثبات أنها غير صحيحة؟ 

كمفهوم بسيط لنظرية المؤامرة

كارين دوجلاس، أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة "كنت" في المملكة المتحدة تقول:

نظرية المؤامرة هي الاعتقاد بأن اثنين أو أكثر من الفاعلين قد نسقوا سرًا لتحقيق نتيجة، وأن فضح هذه المؤامرة يخدم المصلحة العامة. 

تم تأييد هذا التفسير من قبل Hugo Drochon، أستاذ النظرية السياسية في جامعة Nottingham.

في جوهرها، نظرية المؤامرة هي الاعتقاد بأن هناك مجموعة صغيرة من الأشخاص الغامضين الذين يتحكمون في كل شيء في العالم

ولهذا السبب لدينا نظريات المؤامرة حول تغير المناخ مثلاً باعتباره"خدعة".

إذن، كيف تنمو هذه النظريات وتزدهر؟ 

إن نظريات المؤامرة تبدأ بمحاولتنا فهم الأحداث المعقدة. حيث يمكن القول إنها تقدم حلولاً بسيطة لمشاكل معقدة. وهذه المفاهيم غالبًا ما تزدهر عندما يحتاج الناس إلى إجابات في أوقات التوتر.

تميل نظريات المؤامرة إلى الظهور عندما تحدث أشياء مهمة يريد الناس فهمها. على وجه الخصوص، وتميل إلى الظهور في أوقات الأزمات عندما يشعر الناس بالقلق والتهديد. حيث أنهم تنمو وتزدهر في ظل ظروف عدم اليقين.

واستغلالاً لوقت الأزمة وتناميها، مع الامكانيات المحدودة للحكومات والافراد على معالجتها، وظهور بعض الاطراف المستغلة لمثل هذه الأوضاع.

تتولد هذه الفئة وتتزايد احجامها كلما طال أمد الأزمة، مع ترسيخ حيثياتها بالظاهرة، حتى وان تم معالجة تلك المشاكل ولو بشكل نهائي لاحقاً.

"المكونات الفريدة" التي تجعل نظريات المؤامرة تنتشر

فيما يتعلق بما يجعل نظرية معينة تنتشر، هو عددًا من العناصر التي يجب أن تكون في مكانها الصحيح. لذا تتطلب نظرية المؤامرة تجمع بعض المكونات الفريدة معًا:

  • قضية مهمة بالنسبة للرأي العام سواء المحلي أو العالمي
  • طول فترة الأزمة
  • جهات مستغلة تزيد من حدتها
  • أشخاص مستعدين لتصديقها
  • كيان قوي يُظَنْ احتضانه للمؤامرة
  • المستوى التعليمي (كان هذا سابقاً اليوم ليس بالضرورة)

الأمثلة الأخيرة على نظريات المؤامرة

الجائحة السابقة "كوفيد19" وشبكات الجيل الخامس

نأخذ COVID-19 كمثال، إنه حدث مهم يحاول الناس فهمه. كانت الأرض خصبة لأن COVID ولّد مشاعر عدم اليقين والقلق. هذه الجوانب تعني أنها أرض خصبة لنظريات المؤامرة للنمو والازدهار.

خلال أوائل عام 2020، كانت هناك نظرية مؤامرة تدور على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي زوراً أن 5G يمكن أن تنشر فيروس كورونا. 

هذا التأثير الضار المزعوم لـشبكة الجيل الخامس 5G على صحة الإنسان موجودة منذ فترة . ولكن في عام 2020، تحولت النظرية من "هامشية إلى اعتقاد سائد عندما تم تطبيق السرد على COVID-19". 

يعد هذا مثالًا رائعًا على نظرية المؤامرة الموجودة لبعض الوقت، ولكن القدرة على التطور فقط عندما يشعر الناس بالضعف والانفتاح على تصديق شيء قد يرفضونه بطريقة أخرى.

وحسب ما جاء به مقال في صحيفة نيويورك تايمز أن النظريات "التي لا أساس لها" حول 5G و COVID. أسفرت عن "أكثر من 100 حادثة" في شهر واحد في المملكة المتحدة وحدها، بما في ذلك برج لاسلكي في برمنغهام قد تم إشعال النار فيه.

لكن لماذا يسقط الناس ويتشبثون في نهاية المطاف بنظريات مؤامرة؟

هل الجميع يقعون في فخ نظريات المؤامرة

قال دروشون: "يمكن أن نشعر جميعًا بجنون العظمة في بعض الأحيان، خاصة إذا كنا محبطين أو نشعر بالضعف قليلاً. إنه جزء من الطبيعة البشرية". 

وقال جوليأستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة نوتنغهام: "نحن نرغب في أن نشعر بالسيطرة، والشعور باليقين، والشعور بأننا قريبون من أولئك المشابهين لنا. ويمكن لنظرية المؤامرة أن تمكننا من ذلك".

تشير الأبحاث إلى أن غالبية الأشخاص (65٪) يعتبرون أنفسهم يتمتعون بذكاء "أعلى من المتوسط". وهو أمر ينسبه الباحثون إلى "ميل الناس إلى المبالغة في تقدير قدراتهم المعرفية".

بمجرد تشكيل اعتقاد ما، يحرص الناس على الدفاع عنه". من المحتمل أن يهضموا المحتوى الذي يدعم هذا الاعتقاد ويسعون إلى تشويه سمعة المعلومات غير الداعمة. 

هل هناك مجموعة معينة مرجح أن تؤمن بنظرية المؤامرة؟ أم أن الجميع معرض لخطر المصادقة عليها؟

القابلية للايمان بنظرية المؤامرة متاح للجميع بنسب متفاوتة، لكن هناك مجموعات معرضة بشكل أكبر.

قد تكون بعض الظروف كـ:

  • كالظروف الاجتماعية السيئة
  • العزوبية
  • الفراغ
  • الحالة المادية 
  • الوازع الديني
  • التدخل في ميدان أو فكرة ليست من مجالك ولا تمتك بأي صلة
  • الجانب النفسي والحالة القابع بها الانسان

ومادامت هذه الظروف محققة بالاضافة لظروف اخرى خارجية (كالأزمة)، فالأمر قد يكون مناسباً لنشوء هذه الأفكار لدى متلقيها.

تلك الفوهة من الفراغ المتكونة عن حالة عدم اليقين، ستولد الكثير من الاحتياجات سواء المعرفية أو الوجودية. لن تفئ شعلتها سوى بهالة من الشعور بالأمان تملأها هذه المعتقدات الدخيلة. ولهذه الأسباب لا أحد محصن تمامًا من إغراء نظرية المؤامرة.


في الأخير، يمكن لأي شخص أن يقع فريسة لنظريات المؤامرة إذا كان لديه احتياجات نفسية لا يتم تلبيتها في أي وقت معين.

لذلك نجد فئة معتبرة من الناس يؤمن بنظريات المؤامرة اليوم تلبية للعديد من الظروف الخارجة عن نطاقه الذي يقبع فيه. 

لكن حتى نكون منصفين أكثر نحن لا نجزم كليتاً بغياب هذا النوع من الأعمال. وهناك وامكانية لحدوثها في جميع الآفاق، لكن فقط في تلك المرحلة يجب أن تعلم جيداً أين تطأ قدماك.

المصدر

Why do people believe in conspiracy theories?

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق