عد للوراء للحظة واحدة، وفكر في آخر قرار كبير اتخذته، واسأل نفسك: من هذا الصوت داخل رأسي الذي ساعدني على القيام بذلك؟.
خلالها، أنت لم تكن مصابا بالانفصام. وليس لديك شخصيات متعددة. حرفيا الجميع بغض النظر عن مستوى النسبي لعقولهم، يسمعون ويتحدثون بصوت داخلي.
يطلق عليها البعض "صوت العقل". وتفسر بأنها يمثل ضميرنا أو غرورنا أو غرائزنا. يسميها أطباء الأعصاب وباحثو الدماغ السلوكي "المونولوج الداخلي".
وقد أظهرت أبحاثهم أن سماع الكلام الداخلي هو تجربة يومية شائعة للجميع. وأغلبنا لديهم حوارات داخلية كما يمكن أن يكون للبعض الآخر تصورات وأحاسيس.
![]() |
المونولوج الداخلي |
ماهو الصوت الداخلي "المونولوج الداخلي"
يستخدم الكثير من الناس الثرثرة اللغوية لتنظيم أفكارهم وتركيزها. ومع ذلك، اتضح أن بعض الناس لا يمتلكون هذا النوع من المونولوج الداخلي على الإطلاق.
بدلاً من ذلك، قد يعتمدون أكثر على التصور مثلاً (لدفعهم إلى "رؤية أنفسهم" يشترون الحليب من المتجر). بينما يستخدم آخرون مزيجًا من هذه التقنيات.
هذه الحالة النفسية ليست مرضاً أو هلوسة كما يظن البعض، فغالباً ما يكون المحيط الهادئ في الخارج مقابلاً لفوضى عارمة بالداخل، دون أي خطر قد يهدد صحتك العقلية في اطارها الطبيعي.
هل يمكن أن نخمن بدقة في ماذا نفكر؟
بالنسبة لعلماء النفس مثل Fernyhough و Hurlburt، فإن البحث عن ماهية الكلام الداخلي ليس بالمهمة السهلة. يقول هورلبورت إن مجرد سؤال الناس عما يفكرون فيه لن يؤدي بالضرورة إلى الحصول على إجابة دقيقة.
هذا جزئيًا لأننا لسنا معتادين على إيلاء اهتمام وثيق لعقولنا الشاردة، ولكن أيضًا لأن الأسئلة التي تميل الاستطلاعات إلى طرحها حول أفكارنا قد تدفعنا للإجابة بطريقة معينة. وهو أمر يعتقد أنه يقود الناس إلى الإبلاغ عن المزيد عن ما يحدث بالداخل.
لذلك الأمر ليس بهذه البساطة التي نتوقعها، فلو سألتك الآن في ماذا تفكر؟. طبعاً سيكون السؤال مباغتاً لك. فمقدار السرعة التي تمر بها الأفكار والتصورات بداخلنا لا يملك الانسان القدرة على مجاراتها.
وحتماً سيكون جوابك غير واضح، هذا ان استطعت أن تجد اجابة ملائمة. لذلك استخدم عالم النفس بجامعة نيفادا بلاس فيجاس "راسل هيرلبورت" في أواخر القرن 19، تجربة المنبه المساعد على اتخاذ تلك الخطوة للتسهيل النوعي من عملية اصطياد احدى تلك الأفكار العابرة فوق عربات تتحرك بسرعة الضوء.
أقسام الردود الداخلية
تقول أبحاث لوفنبروك (هيلين لوفنبروك، باحثة أولى في علم اللغويات العصبية ورئيسة فريق اللغة في مختبر علم النفس والإدراك العصبي) في المونولوجات الداخلية أن لها ثلاثة أبعاد.
وفقًا لدراسة عام 2019 نشرتها هي وزملاؤها في مجلة Frontiers in Psychology. تقسم الردود الداخلية الى ثلاث أنواع محتملة:
- الأول هو الحوار. يحدث هذا المونولوج عندما يفكر الشخص في نفسه بشيء ما، كالحاجة للشراء أو الحركة وغيرها. لكن في أوقات أخرى، يمكن حتى أن تتشارك أموراً جميلة كمذاق طعام جيد، فتشارك عقلك ذلك، لكن يبقى الأمر في حدود كلمة أو كلمات محدودة.
- البعد الثاني هو التكثيف. وهو مقياس لمدى إسهاب خطابك الداخلي. في بعض الأحيان تفكر في الكلمات أو الشظايا. لكن في أوقات أخرى، مثل عندما تستعد لمحادثة أو عرض تقديمي، من المحتمل أنك تفكر في جمل وفقرات كاملة.
- البعد الثالث هو النية. هل تنخرط في الحديث الداخلي عن قصد؟ لأسباب لا نعرفها، في بعض الأحيان يمكن أن يأتي الحديث الداخلي إليك فقط أو ينجرف إلى موضوعات عشوائية تمامًا وغير متصلة على ما يبدو.
لكن المعضلة هنا، أن الأمر اتخذ النمط الكلامي، عند سؤال الأشخاص عن ما يدور في تفكيرهم. رغم أنهم كانوا في خضم تصورات.
تجربة الصافرة والمونولوج الداخلي
منذ القديم لم تظهر أي دراسات أو أبحاث حول الظاهرة، وكان التحدي الفائز أن الجميع يعتمدون على الحوار الداخلي.
الى غاية القرن 19 من خلال البحث الذي قاده راسل هيرلبورت، عالم النفس بجامعة نيفادا بلاس فيجاس.
حيث قام هيرلبورت بتجربة تقوم على ارتداء الأشخاص المشاركين لصافرات انذار، والتقاط ما كان يدور في عقولهم عند كل انذار مع ممارستهم لحياتهم الطبيعية. وهذا بتدوين ما كانوا يفكرون به قبل سماعهم للصافرة. طبعاً مع أخذ وقت مناسب دون ازعاجهم.
المستخلص من التجربة:
أن البعض كان لهم ردود داخلية أكثر من المعتاد بأن يكون لديهم حوار داخلي عند كل صافرة ، كأن هناك شخصاً آخر معهم.
البعض الآخر، كانت الردود نادرة، وبشكل أقل.
أما البقية فلم تكن لهم حوارات داخلية على الاطلاق، وكان الأمر فقط من خلال أحاسيس وتصورات.
إذن هل الحوار الداخلي أمر جيد؟
هذه الأنماط من الردود الداخلية المختلفة، أظهرت أن الأشخاص الذين لا يتمتعون بحوارات داخلية يقبعون في حالة تعرف بـ "عمى عين العقل" وهم ليسوا بهذا السوء كما نعتقد.
لكن الردود الحوارية تكون أكثر نجاعة ويقول هيرلبورت "أنها يمكن أن تزيد في قدرة نمط التعليم والتعلم لديهم".
الكلام الداخلي المفرط
يتفق جميع علماء النفس أن الحديث الداخلي المفرط، شيئ مرعب وقد يؤدي الى نتائج غير مرضية على المدى الطويل.
خاصة وان كانت تلك الحوارات تميل الى الأجزاء السلبية لشخصيات الأفراد بلومها ومقارنتها مع الآخرين، مما سيولد شرخاً وفراغا كبيراً لديهم، قد يسهم في نشوء أمراضٍ نفسية مع مرور الوقت.
لذلك ينصح علماء الصحة النفسية الأفراد، بمحاولة الخروج من هذه الفوهات، بتعبئة أوقات الفراغ والانشغال بأمور عملية أكثر كالهوايات والرياضة. لتخطي تلك المراحل التي قد تعقد من حياة الأفراد.
المصدر
↚