مختارات

أهمية المهارات الناعمة في التأثير على أصحاب العمل، وكيف نكتسبها؟

أهمية المهارات اللينة في توفير فرص العمل
المهارات الناعمة


لو فرضنا أن هناك مجموعة من الموظفين  يعملون في بيئة وامكانات متكافئة. فلماذا يتخلى
 رؤساء العمل  عن بعض الموظفين بسهولة، في حين يصرون على الاحتفاظ بآخرين. رغم ربما وجود بعض الفوارق في المستوى، ألم تتسائل؟.

سأخبرك بالإجابة، تسمى هذه الملاحظات التي تجذب أصحاب العمل بشكل أكبر نحو عمال معينين بالـ "المهارات الناعمة". وهي مجموعة من القدرات التي تولد مرونة في التعامل مع مختلف الظروف، بشكل سلس ومناسب أو ناضج ان صح التعبير.

يقدر الخبراء أن ما نسبته 75% من التطلعات التي يبحث عنها أصحاب العمل بعد العامل العلمي والكفاءة، هي المهارات الناعمة. فماهي هذه المهارات؟ ولماذا هي ذات أهمية بهذا القدر؟

ماهي المهارات الناعمة؟

المهارات اللينة أو الناعمة، هي مجموعة من التعاملات والقدرات المرنة المتعلقة بالأشخاص والتي تساعدهم على التكيف مع مختلف البيئات والأفراد والتعامل معهم.

يرجح بعض علماء الاجتماع، مصطلح المهارات الناعمة لوصف الذكاء العاطفي بدلاً من الذكاء الطبيعي. نظراً للقوة الكامنة التي يسيرها في التحكم بالنفس والاندماج مع الآخرين.

مثلاً لا يمكن أن يبحث أصحاب العمل عن مدير تسويقي غير قابل للاندماج مع المجتمع، كما سيُسَر مدير المؤسسة لو امتلك عامل بدني، منضبط ومتفاهم مع باقي العمال. وهنا يكمن الفرق في أهمية المهارات الناعمة.

لماذا المهارات الشخصية مهمة لهذه الدرجة؟

حتى نفهم السبب لابد أن نعرف أولاً الفرق بينها وبين المهارات الصعبة أو خشنة.

المهارات الصعبة أو المادية

يكسب الموظفين مهاراتهم الصعبة أو الرسمية ان صح التعبير من خلال مسارهم الدراسي، برامج تطبيقية، كورسات وغيرها من الدبلومات والتكوينات. هذه المهارات ملموسة وقابلة للقياس، وهي من أهم عوامل قبول  طلبات الوظائف.

تزيد المهارات العملية العالية من نسب القبول للمرشحين، في شتى المجالات كالمبرمجين والمصممين والمهندسين وغيرهم مِن مَن يؤدون مهمات ناجحة باستمرار.

يوفر عمال المهارات الصعبة امكانيات ارتقاء الشركات ووصولها للريادة، فالكفاءة والجودة تعتمد بشكل مباشر على معيار قدراتهم.

المهارات اللينة

لضمان ارتقاء وتقدم الشركات من الجانب المعنوي، يلزم مرور العمل على قاعدة نفسية مرنة، كالتفاهم بين العمال، التواصل الجيد فيما بينهم، وامتلاكهم لمهارات اضافية كالعمل الجماعي والتنسيق وادارة الوقت.

فلن يستطيع العمال الغير متحكمين بنفسياتهم مثلاً خلق جو عمل ملائم، وقد يؤثر هذا سلباً على سيرورة المشاريع. سوء التواصل هذا قد يكون سبباً لسقوط الشركات ولعل أحد أهم أسباب سقوط العملاق الفنلندي "نوكيا" كان اختلال هذه الميزة.

الانضباط والالتزام من الصفات التي يعشقها اصحاب العمل، فتسيير الوقت وتحديد الأولويات من عوامل الايفاء بالمواعيد النهائية.

في الأخير الموثوقية والمصداقية، لها نفس مراتب التحصيل العلمي، لقبول العمل. فلا يمكن لغشاش أن يستمر مطولاً فيما يقوم به.

أهم أنواع المهارات الناعمة، وكيف نحصلها

أبرز المهارات الناعمة التي ستساعدك في وظيفتك

1. إدارة الوقت

الايفاء بالوعود، والوصول في الوقت المحدد شيئ يحبذه الأفراد والمؤسسات على حد سواء. لذا من الجيد استخدام وقتك بحكمة. وهذه بعض المهارات المساعدة في ذلك:

  • ادارة الجهد: مثل لاعب كرة قدم تماماً، يسير 90 دقيقة من الجهد البدني، بتقسيم نسقه البدني على مدار هذه المدة.
  • التنظيم: يسهل التنظيم المسارات ويوضحها، كما يساعد على العودة لحوادث سابقة والاستفادة منها بشكل أكبر وبشكل أسهل.
  • ترتيب الاولويات: ترتيب المهام مهم جداً لسيرورة العمل، ومصفوفة ايزنهاور لخصت الأمر بشكل جد عملي، مثلما نجح فيه الرئيس الأمريكي دوايت ازنهاور، والذي سير شؤون الدولة المختلفة من خلالها.
  • التخطيط: لا شيئ سيبقى قائماً في حدوده دون تخطيط، لا يعني بالضرورة خطة المشروع، فقد يعني خطة تسييرك لعمل ما مع نفسك.
  • تحديد الأهداف: يجب ان تكون على دراية باهداف العمل، لكي يتم تسيير كل مجهوداتنا حسب الظرف الذي نقع فيه.

2. التواصل

التواصل هو القدرة على نقل الأفكار والمشاعر أو مشاركتها بشكل فعال وهو من بين أفضل المهارات الشخصية التي يحتاجها أصحاب العمل في جميع المجالات. ومن مهارات الاتصال الأكثر شيوعًا هي:

  • التواصل اللفظي: اختيار كلماتنا بعناية عامل جيد لتوطيد العلاقات وبناء الثقة بين الموظفين. فكل الدراسات تثبت انزعاج الأشخاص من الكلمات المبعثرة.
  • التواصل الكتابي: ان كان هذا ممكناً في عملك فهذا أمر جيد، يعطي التواصل الكتابة شكلاً أكثر دقة للتواصل.
  • عرض تقديمي: يحكم 80% من الأفراد على الناس منذ لحظاتهم الأولى، لذا اجعل عرضك التقديمي جيداً. 
  • ردود الفعل البناءة: قل خيراً أو فالتصمت وهذا في الاطار الجماعي، وليس في مجلس الادارة طبعاً.
  • الاستماع الفعال: يشترك الخبراء جميعاً ربما في أهم ميزة وهي الانصات الجيد للمتلقين، لذا حاول تطوير من هذه المهارة، وستدرك ما أقوله لاحقاً.

 3. القدرة على التكيف

التأقلم مع الحرارة والرطوبة والمتغيرات، ليس أبداً كالتكيف مع الأفراد. وأول شيئ أنصحك به هو التكيف خاصة في البدايات وعدم جلب المتاعب. وستجد نفسك مسروراً لأنك فعلت ذلك بعد التأقلم.

المتغيرات الكبيرة التي تتعرض لها الشركات، من افراد جدد، شركات جديدة، أعمال جديدة، كلها مقتطفات أيضاً تتطلب توفر فيك هذه السمة.

فيما يلي بعض المهارات المتعلقة بالقدرة على التكيف:

  • الإدارة الذاتية: ما الفائدة ان كنت مبعثراً، وحملت مشاكلك العائلية معك الى عملك. حتماً سينعكس الأمر عليك وعلى عملك. لذا القيادة الذاتية أمر حاسم.
  • التفاؤل: حتى وخارج اطار العمل يجب ان تكون متفائلاً، وبما أن الأمر متعدي فسينعكس على أفراد مجموعتك أيضاً.
  • الهدوء: لا أظن أن الأمر يتطلب شرحاً حوله، فهو سمة الحكماء.
  • التحليلات: كأن تستنتج سمات الأفراد، وأهدافهم وتتجنب المخاطر.
  • الدافع الذاتي: الارادة وحب العمل، أمر جيد وأفضل من أن تشتكي على مدار الساعة.

4. حل المشاكل

حلال المشكلات هو محبوب الجماهير، وسيحسدك الكثير على هذه الميزة. وبما أن الوظائف تحتوي على مشاكل أكثر، فستكون الأضواء مصوبةً نحوك دائماً.

هذه هي المهارات المرتبطة بحل المشكلات:

  • التحليل: ماحدث هذه المرة، وما حدث في المرة السابقة، سيجنبك ما سيحدث في المرة القادمة ان كنت شخصاً محللاً.
  • التفكير المنطقي: لا أحد يحب التخيلات وبناء الأفكار على أمور معقدة، لذا التفكير المنطقي هو الأنسب والأرجح في جميع المواقف.
  • الملاحظة: دقة الملاحظة عامل رئيسي أيضاً، فتركيز على الفروقات والنتائج والمقارنات من سمات القادة.
  • العصف الذهني: مثل هذه الأمور غير متاحة للجميع، لكن ان كنت من تلك الفئة فمبارك لك.
  • صناعة القرار: أهم سمات القادة، لكن ان كان الوضع مزري وتطلب منك الأمر تدخلاً الزامياً كموظف، فهذه مرحلتك.

5. العمل بروح الفريق الواحد

ما رأيك لو كنتم أمام متاهة، وكنتم مجموعة من الأفراد فكيف لكم جميعاً الحروج منها وكلٌ يسير حسب أهوائه.

العمل الجماعي سيقسم المهام وسيحصل على مخرج في أقرب فرصة، بالاضافة لكون الفريق كله مشاركاً في ذلك. لذا يعد التنسيق الجماعي من أقوى عوامل نجاح الشركات اليوم. ومن المهارات المساعدة على تكوين عقلية العمل الجماعي:

  • إدارة النزاعات وحلها: محاولة حل النزاعات أمر جيد، ومن قدرات الذكاء العاطفي الكامنة.
  • التعاون:  يد الله مع الجماعة، والجميع يدرك هالة التعاون وتأثيرها على أداء الوظائف.
  • التنسيق:  تقسيم المهام وعدم المحاسبة، مسار جيد لاستكمال العمل.
  • تبادل الأفكار: الشورى سمات العظماء، وترتقي دائماً الأعمال التي تعتمد على ذلك.
  • وساطة: من الجيد أن تتوسط لأحد الموظفين لدى مديرك، أو رئيس عملك وسيزيد من احترام الآخرين لك.

6. إِبداع

انزع من مخيلتك أن الابداع يكمن فقط في الفن، أنت مخطئ في القرن 21. أصبح الفن يوم يلامس شتى المجالات. الرياضات الأعمال التخطيط والكثير من المهام.

لذا ان كنت مبدعاً حقاً فأنت حاضر في عيون مديرك دائماً. وفيما يلي بعض الأمثلة على المهارات الإبداعية:

  • خيال:  احدى قمم الابداع هي الخيال، يقول آنشتاين: "الخيال أهم من المعرفة، فالمعرفة محدودة أما الخيال فهو لا نهائي".
  • خريطة ذهنية: قد تساعدك التدرجات التي تعمل بها، في خلق بيئة جيدة للابداع دون التأثر بالعوامل الخارجية لأن تدرك جيداً ما يدور حولك.
  • التعاون:  يساعد التعاون على جلب المزيد من الأفكار والمهارات من خلال الاحتكاك بالآخرين.
  • التجريب:  يقول ايمانويل كونت: "الانسان لا يتطور بالراحة، فالتجربة والمعانات والمحاولة هي التي تطوره".
  • استجواب:  بعض الأسئلة المهمة التي تدور في عقلك يجب أن تجد لها تفسيرا ما. والاستجواب احدى هذه الطرق.

7. القيادة

من السمات الصعبة التي لا تتأتى بتلك السهولة. فهي مزيج عميق من التجارب والسقطات والمحاولات، التي بنت كياناً قيادياً.

ترتكز القيادة في مجملها على ميزتين أساسيتين، التدريب والتوجيه، مع أفضلية في التعامل مع مختلف المطبات التي تعصف بالشركات.

غالباً ما يتم ترقية الأشخاص ذوو المهارات القيادية ان أظهرو تمكنهم من ذلك، بالاضافة للمهارات السابق ذكرها.

بعض المهارات المتعلقة بالقيادة تشمل:

  • مهارات الإدارة:  وهي فن التعامل مع كل ظرف أوجزء حسب ما يقتضيه الوضع، دون تكليف أو تجاهل.
  • أصالة:  قوة الشخصية سمات أساسية للشخصية القيادية، فان ظهر تحطم القائد فسينعكس ذلك على جميع افراد جيشه.
  • الإرشاد:  القائد هو المرشد الأول، فهو يدرك مكان كل حجر داخل المصفوفة.
  • سخاء:  أنجح القادة هم المرنون عير متكلفين على العمال، والغير ضعفاء أمامهم. لذا اللين عند القوة، هو قوة في حد ذاتها.
  • الذكاء الثقافي: من الجيد أن تكون ذا تحصيل علمي جيد ومطلع على محدثات الأمور، فقد يكون حرفاً منقذاً لك في يوم عاصف.

8. مهارات التعامل مع الآخرين

أن تكون ايجابي، مساعد للآخرين، وتعرف كيف تؤنسهم في بعض يومياتهم شيئ جيد.

فالدين معاملة، ويستطيع الموظفين الالتفاف ضدك في اي لحظة ان فاق تعاملك حدود المعمول بها. ومن المهارات المساعد على ذلك:

  • العطف: من محاسن الأخلاق، العطف والتعامل الطيب في ما بين الموظيفن ومع الناس كافة.
  • دعابة: يستطيع صاحبها الخروج بالمجموعة من جو الضغط العنيف، الى جو أقل ضغطاً خاصتاً للمبتدئين. 
  • الشبكات: ونقصد بها العلاقات التي ينشأها العامل مع أقرانه، وهي مهمة جداً في مشواره العملي وشخصي.
  • التسامح: جميل أن نتبادل شيماً كالتسامح، فلا تضغط على الآخرين بمجرد أنهم أخطئوا.
  • الدبلوماسية: لا نقصد السياسة، بل الطريقة السياسية الحكيمة في التعامل مع الظروف الاجتماعية.

9. أخلاقيات العمل

إتقان العمل عبادة، وبذل الجهد كذلك. فتحقيق النتائج يتأتى بالمصداقية التي تحسب من المهارات التي يشدد عليها أصحاب العمل.

بعض المهارات اللينة المتعلقة بأخلاقيات العمل هي:

  • المسئولية: كل شخص في هذا العالم مسؤول بطريقة ما، لذا قدر مسؤوليات عملك جيداً.
  • تأديب: لا أحد يحب الشر وسوء الأخلاق، لذا إن أردت أن لا تكون منبوذاً "تأدب".
  • الاعتمادية: يجزع الكثير من العمال من الشخص الاتكالي، الغير قابل للتعلم رغم سنوات عمله، لذا حاول الاعتماد على نفسك في الشيئ الذي تستطيع فيه ذلك.
  • التزام: يجب ان يكون سمة شخصية قبل أن توفره في عملك، فالشخص الملتزم في مهامه يكون جيداً بجميع أروقة حياته وليس وظيفته فقط.
  • احترافية: تأتي بمرور الزمن، وهي شيئ مهم للتقدم والتطوير من عملك وبالتالي حياتك.

10. انتبه للتفاصيل

مهارة أخرى لن يرفضها أي صاحب عمل وهي أن تكون دقيقًا وشاملًا في عملك. 

الانتباه إلى التفاصيل يأتي قبل الملاحظة، وهي تظهر قدرات الشخص ومعدل تركيزه العالي على الوظائف.

وهذه بعض المهارات اللينة الأخرى المتعلقة بالاهتمام بالتفاصيل هي:

  • الجدولة: ورقة وقلم يجب أن يكونا حاضرين في كل منعرج، فالجدولة والتسجيل المستمر سينقذك في احدى الأيام صدقني.
  • الحدة: يمكن أن تربط كل ما تفعله بمرجع أو نظام ذاتي، يزيد من حدة استقرائك للأوضاع.
  • تابع التطورات: قد تساعك نشرة جوية، في انقاذ ما يمكن انقاذه في يوم ما. لا تستهن بالمستجدات.
  • ملاحظة نقدية: يمكن أن تساعدك التحليلات النقدية التي اكتسبتها في حياتك، أن تفيد نوعاً ما من الجانب المالي، خاصةً في المهمات والبعثات الخارجية التي تحضر فيها المآزق.

ختاماً، قد يستطيع الانسان أن يكون ذا منعفة عملية لصاحب العمل، لكن افتقاره لمهارات لينة كالمحادثة والتنسيق والعمل الجماعي والالتزام، سيشوه من تلك النظرة اتجاهه.

تلعب الجوانب المعنوية أدوراً اقصائية في النهوض بالشركات، فهذه القدرات الاضافية ستنعكس ايجابياً على مردود العام لها.

المهارات الناعمة، سمات غير متعلقة بالعمل فقط، فحتى حياتك اليومية والأسرية تتطلب شيئاً من التفاوض والقيادية وادارة الوقت، لذا يمكنك التدرب من خلالها.

هذه المهارات الشخصية ليست صفات وراثية، ويمكنك اكتسابها، بالتدرب والمواضبة عليها، والتعلم على تصحيح من أخطائك السابقة كلما سنحت الفرصة


المصدر 

2      1

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق