في الواقع التطور الذي سيشهده العالم في قادم المواعيد يبشر بتفاصيل مريحة من ناحية اعداد الطعام ومعدات المطبخ، وقد نتخلى عن زوجاتنا في المستقبل.... أمزح!،
لكن من أين سيكون لمطابخنا الذكية تلك المقادير الخضراء الطبيعية، لندلل أنفسنا بوجبات ساخنة ولذيذة، خاصةً لو اسقطنا هذه الحالة على الملايير من البشر.
هذا هوالتخوف الذي يزور مخيلة البعض حول مستقبل أمننا الغذائي. ومن أين سنأتي بالمواد الغذائية الأساسية (كالخضروات والفواكه والحبوب...) لضمان استمرارية نسلنا وماذا تخبأ لنا الـ 10 أو 20 سنة القادمة وسط هذه الظروف المستعصية المتراكمة لمجال الزراعة.
![]() |
كيف سيكون غذائنا في المستقبل القريب؟ |
هل سيكون غذائنا بعد 20 أو 30 سنة مثلما نعرفه اليوم؟
كيف سيتأثر غذائنا؟
ديموغرافيا العالم في تنامي متواصل، والجميع يلاحظ ذلك، لكن هل في رأيك يمكن تغطية كل هذا الكم من البشر بالغذاء باستمرار. خاصةً وأن هذا الرقم غير ثابت بالإضافة للأزمات الحادة التي يشهدها الكوكب.
طبعاً أمرٌ يدعوا للتسائل بالنظر للقيمة الحيوية التي يلعبها الغذاء في استمرار نسلنا وضمان حياته، وتكاثره منذ أجيال غابرة والى المستقبل.
فمهما كانت أطباقك المفضلة اليوم، فمن المحتمل أن تبدو مختلفة تمامًا في غضون 20 إلى 30 عامًا. بشكل عام، من المتوقع أن يخضع مشهد الطهي لتغييرات كبيرة في العقود المقبلة، وليس فقط لأن عاداتنا ومواقفنا اتجاه الطعام تتغير.
بحلول عام 2050، من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات شخص. وهذا يعني أنه لإطعام الجميع سيتطلب الأمر 56% من الغذاء أكثر مما ينتجه العالم اليوم، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
لسوء الحظ، لا توجد أراضي زراعية كافية متاحة لتزويد عدد أكبر من السكان في المستقبل بنوع النظام الغذائي الذي يأكله الناس في معظم البلدان اليوم. يشير هذا إلى أن المحاصيل التي نزرعها والطعام الذي نأكله اليوم سيخضعان لتغييرات كبيرة.
يمكن تلخيص هذه التغييرات الرئيسية التي تتطلب تحولًا جوهريًا في طريقة تفكيرنا في الطعام على النحو التالي:
- ارتفاع عدد سكان العالم.
- الاحتباس الحراري العالمي.
- عدم المساواة في الحصول على الغذاء.
- تغير وجهات النظر حول الاستدامة.
- أزمة ندرة المياه الحادة.
ارتفاع عدد سكان العالم
أحد أكثر قضايا القرن الحاحاً في القريب العاجل، وهو النمو الديمغرافي. حيث تقول الأمم المتحدة أنه سيزيد مستوى البشر على الكوكب ببلوغ سنة 2050 الى 10,6 مليار نسمة.
رقم من الصعب اطعامه طبعاً في ظل ظروف مأثرة مختلفة، وسيتطلب زيادة انتاج زراعي يقدر بـ 60%. حسب ما تشير اليه مختلف التقديرات.
يتخوف خبراء التغذية حول التأثير الذي سيشكله هذا التصاعد الديمغرافي على ندرة المواد وزيادة أسعارها، بالاضافة لتدهور الأمن الغذائي.
لكن تبقى الجهود قائمة بخلق برامج زراعية كثيفة ومتطورة، يمكنها على الأقل أن تغطي ما يمكن جزءاً من المشكلة الأكبر.
الاحتباس الحراري العالمي
تغير المناخ ليس بالجديد علينا وهو أحد أهم الجوانب التي يجب أن نفكر فيها ملياً، يؤثر التغير المناخي على العالم اليوم بشكل علني وصارخ. من تلف المحاصيل وذوبان الجليد، الى ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ولطالما كانت الزراعة تحت رحمة طقس لا يمكن التنبؤ به، لكن المناخ سريع التغير يجعل الزراعة أكثر عرضة للخطر.
في بعض المناطق، قد تؤدي درجات الحرارة الأكثر دفئًا إلى زيادة غلة المحاصيل. ومع ذلك ، من المتوقع أن يكون التأثير العام لتغير المناخ على الزراعة سلبيًا. مما يقلل الإمدادات الغذائية ويرفع أسعار الغذاء
الزراعة في ظروف متغيرة كهذه تؤذي من محاصيلنا الترابية، وتغير من نوعية بذورنا المستهدفة. كما تساعد الغازات الدفيعة ذات النسب العالية اليوم في كبح جماح العديد من البذور المزروعة وتتسب في شلل نموها.
يساهم عدم هطول الأمطار في ظهور عاملين مهمين، الجفاف والفيضانات وكلاهما عامل مؤلم جداً على محاصيلنا الزراعية، بالاضافة الى تأثير ارتفاع مستويات الكربون على خفض من نسب المعادن المتاحة في الجو.
بالإضافة الى ظهور أنواع حشرية جديدة تزيد من نسب تدمير المحاصيل، وتقضي عليها. مما سيضاعف من مستويات المبيدات الحشرية التي هي الأخرى عامل غير جيد لبيئتنا وصحتنا.
ليست الخضر والفواكه هي المتضرر الوحيد، حيث ستتأثر ثرواتنا الحيوانية أيضاً كالماشية والأبقار والدواجن وستلامس هذا التدهور نتيجة انخفاض مستويات الأعشاب الطبيعية التي كانت تنتجها التربة.
من المتوقع أيضًا أن يؤثر تغير المناخ على النظم الإيكولوجية والخدمات التي تقدمها للزراعة. مثل التلقيح ومكافحة الحشرات بواسطة الحيوانات المفترسة الطبيعية. وفي الوقت نفسه، فإن العديد من أنواع النباتات بشتى أنواعها مهددة بالانقراض
عدم المساواة في الحصول على الغذاء
يشير عدم المساواة في الغذاء إلى المجتمعات التي تعاني من قيود في الموارد والدخل، وغالبًا ما لا يتم إبلاغها بمعرفة وتنوع الأطعمة الصحية في منطقتها. يحدث عدم الإنصاف في الغذاء لأن بعض المجتمعات لا تستطيع الوصول إلى أغذية عالية الجودة.
إن عدم المساواة في الغذاء هي قضية عالمية. تحدث لأن بعض الناس لا يتمتعون بإمكانية الوصول الكافي إلى ما يكفي من الطعام بشكل إجمالي أو مجموعة متنوعة من الأطعمة اللازمة لتلبية الاحتياجات الغذائية اليومية.
الأشخاص الذين يعانون من عدم المساواة في الغذاء:
المجتمعات الريفية والمعزولة: العيش في المناطق الريفية، يمكن أن تؤدي تكاليف النقل إلى زيادة أسعار الفواكه والخضروات الطازجة.
الدخل المنخفض أو العاطلين عن العمل: يواجه الأشخاص ذوو الدخل المنخفض أو العاطلون عن العمل خيارًا صعبًا لكيفية إنفاق المبلغ الصغير من المال الذي يحصلون عليه
متعاطو الكحول والمخدرات: يمكن أن يسبب تعاطي الكحول والمخدرات سوء التغذية ، وقد يؤثر الإدمان على قدرة المرء على الاعتناء بنفسه.
النساء والأطفال: يعتمد الأطفال بشكل كامل على دعم أمهاتهم ، وأي فشل في صحة الأم سيؤثر على تغذية أطفالهم
السكان الأصليون: يتعرضون أحيانًا للتهميش والتمييز، ويعيش بعض السكان الأصليين في مناطق نائية منعزلة.
كبار السن: المعرضون للإصابة بالملاريا والسل والتهابات الجهاز التنفسي، لديهم احتياجات غذائية أكثر إلحاحًا. وكذلك الأشخاص بدون مأوى، والمصابين بأمراض مزمنة.
تغير وجهات النظر حول الاستدامة
وجهات نظر القديمة اتجاه ميدان حيوي كالزراعة لم يعد يجدي نفعاً، فالتدهور الزراعي المتواصل يحتاج لنفس جديد واستراتيجية طويلة الأمد لاصلاح ما يمكن اصلاحه.
تشكل الاستدامة وتوفير أمن غذائي ملائم للجميع، عقبة للسلطات في التجريب وايجاد التدابير المناسبة لمثل هذه الأوضاع.
لذلك يعد تكثيف الدراسات والأبحاث والمشاريع الضخمة عاملاً قد يساهم في ايجاد حلول ضرفية وطويلة الأمد، لتسديد فاتورة الاحتياج.
أزمة ندرة المياه الحادة
تشكل أزمة ندرة المياه الصالحة للشرب اليوم، هاجس مرعب لجميع أطراف الكوكب. حيث يعاني حوالي ثلثي سكان العالم من احتياجات مائية متواصلة.
تأثر مختلف مصادر المياه اليوم من مياه الجوفية الى السطحية، مياه الأمطار بالإضافة للمياه العذبة الجليدية، ساهم في تعقيد مهمة المزارعين أيضاً.
ومن أهم أسباب نشوء هذه المشاكل:
- عدم تحديث البنى التحتية.
- التلوث البيئي الذي تصادفه.
- التبذير والاستخدام الغير عقلاني.
- قلة هطول الأمطار.
- الاحتباس الحراري.
يتعدى مشكل ندرة المياه من الشرب الى المحاصيل الزراعية، بالاضافة لمجالات أخرى كالاقتصادية، نظراً لكونه العامل الحيوي الأول الغير قابل للحياة في غيابه.
لذا ستكون آثار هذا الغياب وخيمة، بغلاء اسعار المواد الزراعية، انخفاظ الانتاج، وحتى التخوف من اطلاق مشاريع مشابهة.
إذن، كيف سيختلف طعامنا؟
![]() |
كيف سيختلف طعامنا؟ |
تحديات متعددة ستواجهنا مستقبلاً وفي وقت واحد، ومن الطبيعي أن لا يترك المستهلك بدون خيارات.
بعد كل شيء، الأكل يلبي الاحتياجات الجسدية والعاطفية والاجتماعية بالإضافة إلى توفير الغذاء. تعد ثقافة الطعام جزءًا لا يتجزأ من معظم المجتمعات، وربما لن يرغب معظم الناس في تغييرها.
لكن عندما يصبح الأمر ضرورية، سيتطلب علينا الجري وراء قوائم طعام جديدة:
حشرات صالحة للأكل
تقريباً ملياري بشري على وجه المعمورة يأكلون الحشرات. والصين أكثر اثبات على اللجوء لمثل هذه الأنظمة الغذائية من أجل بقاء ديمغرافية كتلك على قيد الحياة.
استهلاك الحشرات الصالحة للأكل ليس أمراً جديداً وقد عرف من قبل الثقافات المختلفة لعدة قرون وقد تكون جزءًا لا يتجزأ من مستقبل الأمن الغذائي.
لا يقتصر الأمر على كون الحشرات مصدرًا غنيًا بالبروتين والعناصر الغذائية الأساسية الأخرى مثل الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية، بل إنها أيضًا أكثر صداقة للبيئة وأكثر من سيمتلك مقاومة للظروف الصعبة القادمة، مما يتسبب في ضرر أقل بكثير للكوكب من استهلاك اللحوم.
وهناك العديد من الشركات الناشئة التي انطلقت في بناء مستعمراتها الحشرية، كمشروع طويل الأمر يلامس أفق أمننا الغذائي.
مخازن نهاية العالم
تشكل بنوك البذور، جزءاً مهماً من اللعبة وهذا من خلال توفير مخازن بذور ذات صفات مختلفة منها المقاومة والكثيفة والمتكيفة، نظراً لتعرض تنوع محاصيلنا للتهديد المستمر.
أكبر مثال على هذه البنوك متواجد في سفالبارد النرويجية، ويقول أحد الكوادر المسؤولة عن الخزنة، في بيان صحفي: "إنها تمثل كنزًا وراثيًا بالإضافة لأنها مقاومة للحرارة، تتحمل الجفاف، مع مقاومة الأمراض والآفات".
كذلك تتيح هذه البنوك الحصول على جينات وراثية جيدة ومتعددة تسهل من عملية التهجين، وانتاج سلالات قادرة على التعايش وتوفير دفعة جديدة للمجال الزراعي.
الأعشاب البحرية
الطحالب، الأعشاب البحرية أو ما يعرف بخضروات البحر، هي اتجاهات غذائية أخرى قد تحقق بالفعل طريقًا للنظر في عاداتنا الغذائية.
ربما تكون قد تناولتها بالفعل في السوشي أو في شكل سبيرولينا، وهي إضافة شائعة إلى الأنظمة الغذائية فائقة الوعي بالصحة.
مثل الحشرات، تتسبب الأعشاب البحرية أيضًا في ضرر ضئيل للبيئة، وتنمو بسرعة وتحتوي على العديد من العناصر الغذائية، مما يجعلها مرشحًا مثاليًا كغذاء للمستقبل.
شركة Cascadia Seaweed الكندية الناشئة، على سبيل المثال، تدير بالفعل مزارع بحرية ومشتل بذور، وهي تركز الآن على إطلاق المنتجات الغذائية الاستهلاكية.
اللحوم النباتية
تزداد الدراسات حول مجال تصنيع اللحوم النباتية. يتم تكييف جزيء يسمى الهيم يمكنه أن يحمل طعم وملمس اللحم للاستخدام في المنتجات الغذائية الجديدة.
المكونات الأخرى مثل البروتين القائم على القمح وزيت جوز الهند ونشا البطاطس تلعب دورًا أيضًا في إنشاء بدائل نباتية للحوم.
يشهد السوق توسعًا سريعًا، حيث كان أحد أنجح الاكتتابات الأولية في السنوات القليلة الماضية تابعًا لشركة Beyond Meat، وهي شركة متخصصة في بدائل اللحوم النباتية.
اللحوم المزروعة في المختبر
اللحوم المخبرية هي في الواقع لحوم حقيقية، باستثناء أنه لا توجد حاجة للقتل أو الإضرار بالحيوانات أثناء صنعها.
بلغت تكلفة أول برجر مصنوع من اللحوم المزروعة في المختبر 325000 دولار أمريكي في عام 2013. ومع ذلك، تشارك العشرات من الشركات الناشئة والشركات حاليًا في تطوير اللحوم المزروعة في المختبر.
بالاضافة لطعم وقوام قريبين بشكل لا يصدق من اللحوم الفعلية، فإن اللحوم المزروعة في المختبر في طريقها إلى جعل مفهوم تربية الحيوانات للذبح مفارقة تاريخية.
قبل بضع سنوات، انخفضت تكلفة البرجر المصنع في المختبر إلى 12 دولارًا فقط. نظرًا لسرعة التطور، قد يمثل سوق البروتين المزروع في المختبر 35% من سوق اللحوم العالمية بحلول عام 2040، وفقًا للتقديرات.
ختاماً، هل يبدو أن مستقبل الطعام سيكون عالي التقنية وعديم النكهة. لا تقلق هذا ليس أمراً مهماً مثلما يتطلبه توفر الغذاء بالاضافة لكونه صحي.
في الواقع ستكون مثل هذه الأنظمة الغذائية ربما أكثر استدامة. وبشكل عام، من المتوقع أن تكون هذه البدائل أفضل للكوكب والتنوع البيولوجي. ومن المؤكد أنه سيتم إنتاج الغذاء واستهلاكه بشكل مختلف تمامًا في العقود القادمة.
المصدر
↚