يشكل الإختناق بالغازات السامة مصدراً مهماً للوفاة حول ربوع العالم، حيث تشير الأرقام الى أن نسبها في ارتفاع متواصل منذ الألفية السابقة.
في الأسطر القادمة تقرير شامل عن أبرز عوامل التسمم بالغاز، كيف تؤثر على أجسامنا؟، وماهي طرق العلاجية التي يتم تدبيرها من أجل ذلك؟.
خلفية حول الإختناق
استخدم اليونانيون مصطلح الاختناق "Asphyxiation" للإشارة إلى توقف معدل ضربات القلب أو النبض. عندما لا يحصل الجسم على:
كمية كافية من الأكسجين، أو لا تستطيع أعضائه العمل. ويصاحب ذلك في بعض الأحيان احتباس ثاني أكسيد الكربون.
اليوم تتباين أخطار الإختناق بالغازات السامة من عوامل بسيطة الى حادة بواسطة مركبات الكيميائية تعطل ميكانيزم التنفس الطبيعي. تشمل هذه الأخيرة مجموعة واسعة من الأبخرة الغازات القوية، بما في ذلك الكلور والأمونيا والفوسجين والهاليدات العضوية وأكاسيد النيتروجين .
برزت هذه المركبات بشكل لافت في النزاعات العسكرية بشدة، على وجه الخصوص:
- الحرب العالمية الأولى.
- الحرب الأهلية الأمريكية.
- حرب الفيتنام.
- الحرب الفلسطينية.
- الحرب في البوسنة والهرسك.
- حرب العراق.
شهدت الحرب العالمية الثانية وحدها أكثر من 70 ألف حالة تسمم بالغاز بين قوات المعسكر الأمريكي فقط.
العوامل الخانقة الشائعة
من الشائع لدى الجميع التعرف عموماً على عوامل الإختناق في أشكالها المنزلية، لكن للحالة عدة صور أخرى:
- الربو.
- الغرق.
- النوبات.
- انسداد المجاري التنفسية نتيجة لحوادث مفاجئة.
- استنشاق المواد الكيميائية.
- جرعات زائدة من المخدرات.
1. الربو
الربو هو مرض مزمن يصيب الجهاز التنفسي يتسبب في التهاب وانتفاخ الشعب الهوائية مع امكانية تواجد مخاط ضمنها مما يعسر من قدرة التنفس وظهور صفير أو أزيز لدى المصاب. تختلف تدرجاته من بسيط الى حاد ويزداد تقدماً عند ظهور بعض العوامل المهيجة.
عند النوبات الحادة للربو تتورم مجاري الهواء لدى الشخص وتنقبض. لذلك بدون علاج عاجل يمكن أن تصبح تلك الممرات الهوائية ضيقة للغاية وتقطع إمداد الأكسجين.
بعض عوامل حدوث نوبات الربو:
- المناخ.
- روائح قوية.
- الحساسية نتيجة عوامل كحبوب اللقاح أو وبر الحيوانات.
- بعض المواد كيميائية.
- الإرهاق.
- عدوى في الجهاز التنفسي.
2. الغرق
الغرق هو سبب غير مباشر للخنق، حيث يصنع الماء جداراً عازلاً يمنع وصول جزيئات الأوكسجين الحرة الى الغارق.
تشكل إصابات الغرق عاملاً شائعاً للموت بما يقدر بـ 7-8% من إجمالي حالات الوفات حول العالم، حسب ما ورد عن منظمة الصحة العالمية. وتختلف الأخطار الناجمة عن ذلك حسب:
- السن.
- الجنس.
- الحالة الصحية.
أما مسببات الإغراق فهي متنوعة:
- الفياضات.
- الإبحار.
- الزلازل المهددة للسدود.
- غياب الحرص على الأطفال.
- الصرع.
- خصائص السواحل الغير معلومة لدى السواح.
3. الخنق نتيجة الحوادث
الإختناق لا يقتصر بشكل أكبر على المرضى وصغار السن فقط، يمكنه الوصول أيضاً الى الشباب بطرق مختلفة، نذكر منها:
- انسداد المجاري التنفسية نتيجة البلع الخاطئ الطعام.
- حوادث وإصابات مفاجئة للجهاز التنفسي (في حادثة طريفة قرصة نحلة، أو حوادث مرورية تصيب الأنف والرئتين).
- الخنق العمدي سواءٌ اليدوي أو عبر الحبال.
- الشرب بطرق خاطئة (السرعة أو عدم التركيز أو الوضعية الخاطئة).
- اصابات ابتلاع اللسان.
4. النوبات
يمكن أن يسبب الاختناق عبر الغازات السامة الى نوبات الصرع مثلاً إلى توقف تنفسك فجأة. ويطلق بعض الأخصائيين على هذا النمط من الحالات أيضًا بانقطاع النفس.
يمكن للنوبات بشكل عام أن تخفض نسبة الأكسجين في الجسم إلى مستويات مهددة للحياة. كذلك أثناء النوبة قد يتحرك جسمك بطريقة تغطى أي مجال متبقي لمجرى الهواء للتنفس، مما يزيد هذا من إعاقة تنفسك.
في النوبات القلبية تشكل الدهون والكوليستيرول جداراً لبعض مسارات الشرايين المغذية للقلب. يخفض هذا من تدفق الدم صوبه وبالتالي تناقص مستوى الأكسجين لديه. يسبب هذا شكلاً آخر من إصابات الاختناق.
5. استنشاق المواد الكيميائية
يمكن للمواد الكيميائية السامة أن تنتج تفاعلاتها غازات قوية، يسبب هذا النوع من الحالات تأثر الخلايا المرتبطة بالجهاز التنفسي نتيجة تعامله المباشر معها جراء استنشاقها.
تعمل هذه الغازات على تعطيل عمل الجزيئات البنيوية للبروتينات وتوليد حساسية والتهابها قد تؤدي لتضررها.
- تشيع هذه الإصابات لدى الأطفال نتيجة مداعبتهم لقوارير التنظيف لمواد تلميع مرفقة مثلاً بعناصر كالكلور أوالأمونيا والهيبوكلوريس. والتي تأثر عليهم نتيجة قدراتهم الدفاعية الضعيفة.
- يتأثر المزارعين عادتاً نتيجة تعرضهم لغاز ثاني أكسيد النتروجين القادم من روائح العلف المخزن Moist Sillage والمسبب لما يعرف بداء عمال الصوامع "Silo filler’s disease".
- أيضاً، اللحامين رغم أن أبخرة التلحيم لوحدها لا تسبب ردود عنيفة، إلا أن الخليط التلحيمي الغازي الناتج عن الحديد والمركبات الأخرى كالرصاص والنيكل والكروميوم والكاديوم بالإضافة للعوامل المناخية الحارة. يمكن أن يؤدي لتضرر المسالك التنفسية وإغماء الشخص.
- عمال المخابر هم أكثر عرضة لمثل هذا النوع من الغازات، لكن على الأرجح لا يسبب حوادث مقترنة بها. وهذا راجع للاحتياطات القائمة في مثل هذه الغرف.
لا تستثنى أي فئة من القائمة، وكانت هذه مجرد أمثلة للحالة.
6- الجرعة الزائدة من المخدرات
هناك احتمالية لأن تتداخل قدرات الدماغ مع الجرعات الزائدة مع عقارات مثل المواد الأفيونية في تنظيم التنفس. وبذلك لا يستطيع الشخص التنفس بعمق وإخراج ثاني أكسيد الكربون.
هذا ما يزيد من تفاقم مستويات ثاني أكسيد الكربون ويقلل من إمدادات الأكسجين داخل الجسم.
ضيق التنفس الشديد نتيجة الغازات السامة
ضعف التنفس الطبيعي الشديد هو أحد الأسباب المؤثرة بشكل مباشر على سيرورة نظام جهازنا التنفسي وقد يصل إلى فقدان الوعي أو حتى الموت.
يرتبط التنفس أيضًا بالتهوية. فعندما يتنفس الشخص يأخذ الأكسجين إلى الجسم عبر أنفه (فتحات التهوية) الى الرئتين، ثم تتم معالجته وانتشاره إلى أعضاء وأنسجة الجسم عبر مجرى الدم. وهذا ما يسمى بتبادل الغازات الرئوية والذي تستخدمه الخلايا في النهاية لإنتاج الطاقة.
نقص الأكسجين هو مصطلح يشير إلى انخفاض تراكيزه في الجسم. تحدد المدة التي يبقى فيها الشخص بدونه ما إذا كان سيصاب بضرر دماغي لا رجعة فيه أم لا.
حتى بضع دقائق من نقص الأكسجين الكامل (قد تصل لـ 4 دقائق) حسب الحالة يمكن أن تكون حرجة. فالدماغ هو العضو الأكثر حساسية لتذبذبات مستويات الأكسجين في الجسد وينتج عن انخفاض توريده بهذا غاز الحيوي الى تدهور كفائته.
يمكن أن يكون أيضاً الموت بالاختناق أو "ضيق التنفس الشديد" عرضيًا أو انتحاريًا أو قاتلًا. بثلاث فئات متنوعة وهي:
- الخنق.
- الاختناق الكيميائي.
- الاختناق.
لماذا الاختناق بالغاز خطير؟
من الضروري وجود مستوى كافٍ من الأكسجين في الهواء الذي نتنفسه، لذلك تسبب الأبخرة الغازية السامة للسوائل تدهوراً نوعياً في قيمه. تؤثر هذه الأخيرة بنمط مباشر على أجزاء الجسم من الأنف والحلق الى الرئيتين فمجرى الدم ثم في الأخير المخ.
السبب الرئيسي في الخطورة التي يشكلها التسمم الغازي يكمن في غياب صفارات الإنذار، أي لا يدرك الشخص الى أي مدى تم تضرره من طرف بعض هذه الغازات السامة الى أن يسقط. لكن ليس فقط انخفاض مستويات O هو من يؤثر حيث:
- تشكل نسب الأكسجين المرتفعة احتمالية ظهور أعراض كالتنفس السريع وسرعة ضربات القلب والارتباك والإرهاق.
- تساهم النسب المنخفضة منه في امكانية حدوث الغثيان والقيء والانهيار والتشنجات والغيبوبة والموت.
بالإضافة للاستنشاق تزداد حدة أعراض الاختناق بشكل أسرع مع المجهود البدني. ويمكن أن يسبب ذلك نقصاً فادحاً في الإمدادات الغازية الحيوية مما قد ينشأ ضررًا دائمًا للأعضاء بما في ذلك الدماغ والقلب.
أيضاً قد تضاعف بعض الأبخرة المسمومة من خطورة الموقف نتيجة قابليتها للاشتعال والانفجار وخلق النيران.
في الغالب تؤثر الغازات السامة على الأشخاص بطريقتين:
الغازات السامة السريعة الذوبان: وهي الأبخرة التي السريعة التحلل والذوبان تعمل على تهييج مبكر للأنف والحلق وعينين. ويؤدي استنشاقها المطول الى بلوغها مجاري الرئتين.
الغازات السامة البطيئة الذوبان: وهي الأبخرة التي تطول ردودها كونها لا تذوب بسهولة. يميل استشاقها بعمق الى التأثير على القنوات الهوائية الصغيرة وتراكم البلغم.
أهم الغازات الخانقة
قد تتطلب منا بعض الحالات التواجد في أماكن مرتقعة نسب الكربون وخانقة، أيضاً إذا كنت تعمل في مكان مغلق أو بالغازات التالية، فعليك أن تكون مدركًا لخطر فقدان التنفس.
العنصر | الصيغة |
---|---|
الأرجون | Ar |
الأسيتيلين | C₂H₂ |
الهيليوم | He |
النيون | Ne |
الميثان | CH₄ |
الكلور | Cl |
الكلوروبكرين | CCl3NO2 |
البروبان | C₃H₈ |
أول أكسيد الكربون | CO |
ثاني أكسيد الكربون | CO2 |
الإيثان | C2H6 |
البروبان | C₃H₈ |
الفوسجين | COCl2 |
الهيدروجين | H |
كبريتيد الهيدروجين | H₂S |
الرادون | Rn |
الأمونيا | NH3 |
ما هي مخاطر الاختناقات الغازية السامة
نميز في المجمل درجتين خطر ناجمة عن الغازات.
اختناقات عبر غازات غير سامة
الخوانق البسيطة عبارة عن غازات ليست بالسامة لكنها ليست غير مؤذية أيضاً. كونها تهدد نظامنا التنفسي عن طريق إزاحة الهواء بموجات لا تحتوي على أكسجين.
من الغازات البسيطة الأكثر شيوعًا في الصناعات العملية هو النيتروجين المستخدم خاملاً. ومن أهم استعمالاته التبريد والتجميد السريع لبعض العمليات.
تشمل المواد الخانقة البسيطة الأخرى الغازات النبيلة كـ: الهيليوم والأرجون والنيون والكريبتون والزينون ويمكن القول الرادون.
ومع ذلك، ليس من الضروري أن تكون الغازات خاملة حتى تكون خانقة. فالهيدروجين غاز شديد الاشتعال لكنه غير سام ويصنف على أنه من الخوانق البسيطة.
تشتهر أيضاً غازات أخرى قابلة للاشتعال مثل الميثان، والإيثان، والإيثين، والأسيتيلين، والبروبان، والبيوتان، وما إلى ذلك.
هي أيضًا مواد خانقة بسيطة وليست ضارة. لكن التركيز الذي تعتبر فيه خطرًا مباشرًا على الحياة والصحة حسب ماجاء من IDLH هو 10 ٪ من الحد الأدنى للانفجار.
طبيعياً يتوفر الأكسجين في الهواء بما نسبته 20.9٪. وتصنف إدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA) أن تراكيزه الأقل من 19.5٪ تعد أمرأً خطيراً.
يتراوح الحد الأدنى لخطورة الهيدروكربونات القابلة للاشتعال من 1٪ إلى 5٪، لذا فإن خليط الهواء والغاز القابل للاشتعال يشكل خطرًا من حيث قابليته للاشتعال قبل فترة طويلة من بلوغه تراكيز كافية لتُكََوِنََ خطر الاختناق.
اختناق بواسطة غازات سامة
تصنف الغازات الكيميائية على أنها سامة فهي لا تزيح الهواء ببساطة، وتمنع الجسم من نقل الأكسجين من الرئتين وإلى حيث يحتاجه الجسم. يتصدر أكسيد الكربون هذه اللائحة بالاضافة لغازات كيميائية أخرى,
يملك أحادي أكسيد الكربون امكانية على الارتباط بالهيموغلوبين ويمنع توصيله للأكسجين. كذلك يعطل كل من سيانيد وبريتيد الهيدروجين تنفس الخلايا. بالإضافة الى قدرة الفوسجين القوية على تعطيل عمل الحاجز الدموي الهوائي.
جميع المواد الكيميائية الخانقة لها تأثير بتركيزات أقل بكثير مما يتطلبه الأمر لتخفيف الأكسجين في الهواء إلى مستويات خطيرة. حتى ثاني أكسيد الكربون الذي قد يصل لـ (4٪) ، يعتقد معظم الناس أنه غير سام. لكن يمكن أن يؤدي تركيز 8٪ CO2 إلى فقدان الوعي بعد التعرض له لمدة 5 إلى 10 دقائق، على الرغم من أن تركيز الأكسجين هو 19.2٪.
تملك الغازات الكيميائية القدرة على احداث اختلالات في الجهاز التنفسي حتى ونسب الأوكسجين مناسبة. يكمن الفرق في قدرة مركباتها القوية على إلحاق الضرر بالخلايا والملحقات الأخرى المتعلقة بالرئتين.
الأعراض التي تسببها اختناقات الغاز
تتمثل الأعراض المنتشرة للإختناق في:
- ضعف التركيز.
- حروق وإلتهاب الحلق.
- صوت مبحوح.
- صعوبة في الإبتلاع.
- عسر التنفس.
- البلغم والمخاط.
- رؤية ضبابية.
- حالة فرط تهوية.
- التوتر والقلق.
- مضاعفات الربو (إن وجد).
- صداع.
- اختلال التوازن وفقدان الوعي.
علاج تسمم الغاز
يعتمد علاج الاختناق على السبب. قد تشمل:
الإنعاش القلبي الرئوي (CPR). الإنعاش القلبي الرئوي هو إجراء يتضمن ضغطًا على الصدر لتعزيز الدورة الدموية والأكسجين. يتم استخدامه عندما يتوقف قلب الشخص عن النبض.
مناورة هيمليك. مناورة هيمليك هي تقنية إسعافات أولية للاختناق. يستخدم ضغطات البطن أسفل الحجاب الحاجز لإزالة جسم غريب من الممرات الهوائية للشخص.
العلاج بالأوكسجين. يقوم العلاج بالأكسجين بتوصيل الأكسجين إلى رئتيك. قد يشمل جهاز التنفس الصناعي أو أنبوب التنفس أو القناع أو أنبوب الأنف الذي يوفر الأكسجين.
دواء. يمكن أن تساعد الأدوية في تخفيف آثار رد الفعل التحسسي أو نوبة الربو الحادة أو جرعة زائدة من المخدرات.
معلومات إضافية
• تشمل الإدارة العامة للفحص البدني قياس التأكسج وغازات الدم الشرياني.
• يجب تروية العينين مع ترطيب الأكسجين وإعطاء موسعات الشعب الهوائية الاستنشاقية.
• يجب الحصول على رسم القلب وإنزيمات القلب وتعداد الدم الكامل إذا كان هناك ألم خلف القص.
• لا ينصح باستخدام الأشعة السينية الروتينية للصدر، إلا إذا كان هناك اشتباه في وجود وذمة رئوية.
• يجب إجراء تنظير الحنجرة في حالة الاشتباه في وذمة المزمار.
المصدر
↚